رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الصحافة التى فى خاطرى

تأتى الأيام بين عامين.. تطرق بقوة أبواب نقابة الصحفيين مع انتخابات التجديد النصفى التي جرت مؤخرا، وتعصف الأفكار بأذهان أعضاء الجمعية العمومية.. تولد من بينها التطلعات بغد مشرق.. غد يتمناه كل صحفى ويتبارى الجميع- سعيا- نحو بناء يتخيله.. أراه حقيقة نابضة بالحياة.. لتحيى به الجماعة الصحفية.. نهر متدفق بالأفكار تسير فى مجراه مياه عذبة المذاق يرتوى منها كل صحفى فى تلك الأيام.

تبزغ أفكار رائعة تحمل فى يدها شعلة نور.. تنير دروب الصحافة فى هذه الأيام .. تطوف كل مكان وترتاد كل مكان.. غايتها تخفيف قسوة أعباء المهنة وضغوط المهنة وتحديث أدواتها وإعلاء شأن عناصرها وطرح رؤى شاملة.. الجميع يناجى أحلامه.. ربما تستجيب للمناجاة. وما أن تطوى الانتخابات صفحتها.. كطى السجل للكتب.. تموت الأفكار التى كانت تنبض بالحياة لأكثر من شهر ونصف.. توارت هناك فى الأفق البعيد.. لم تعد حاضرة.. لم يبق منها غير أطلال ذكريات.

تسربت من بين أيدى الجماعة الصحفية تلك الأفكار النابضة بالحيوية.. لم تجد موطئ قدم داخل جدران مبنى نقابة الصحفيين.. المرابض شامخا فى شارع عبد الخالق ثروت بمدينة القاهرة.. غاب من يحتويها.. من يضمها إليه ويرويها بفكر الوجود.. حتى تزهر خيرا يفيض على المهنة.. باتت شاردة.. هاربة وكم من أفكار رائعة فقدت وفيها طوق النجاة لمشكلات قاسية.. قد تغير واقعا مؤلما.. قد تفتح أفقا رحبا يشرح الصدور الضيقة. ضربت متغيرات العصر سوق الصحافة وجعلت البحث فى عمق الأفكار بمثابة قبلة للحياة.. فالجماعة الصحفية تعانى وتكابد بصور شتى وتنتظر يد العون تمتد إليها..

أصبح البحث عن أفكار خلاقة ضرورة حتمية لتحيى فى الصحافة دورا وجب الاضطلاع به تجاه قضايا الوطن والمواطن وترسم من قريب أبدع صورة لبناء عصرى للجمهورية الجديدة وتعيد إحساسا مفقودا لتدب الحيوية فى أوصالها وتضىء ردهات أظلمت وتفتح نوافذ أوصدت.

أفكار الجماعة الصحفية الساكنة فى عقول كثيرين.. نتاج واقع يدركه ويتحسسه هؤلاء.. فلا يجب أن تمر هاربة ونحن ننظر إليها بتجاهل وفقدان للأمل وغياب للقدرة على الأحلام.. فكل فكرة تولد.. تعبر عن موقف مؤلم.. وجب التفاعل معها ووضع الرؤى المعينة على ترجمتها لواقع ملموس وعلينا النظر إليها بعين بصيرة ويد ممدودة ونفس راضية مرضية.

باعدت متغيرات اعترت منهج ممارسة المهنة.. فجعلت الهوة بين النقابة والمطبوعات الصحفية.. والظرف يفرض حسن اللقاء والتقارب يكون بالنظر فى خطر يسود.. فالمصير مشترك والمهنة تسأل عن نهضتها النقابة.. فعلى عاتقها تقع المسئولية.. إذا ما أخفقت الصحافة فى بناء جسر المصداقية والوعى المجتمعى.. فما اعترى المهنة يفرض- ضرورة- إيجاد رؤية تجمع شتات المطبوعات الصحفية والنقابة فى مظلة واحدة.. غايتها رأب الصدع ووضع تصور جاد للنهوض بالمهنة وتحديث أدواتها وتدبير موارد مالية تتدفق بشكل منظم ومنتظم.

فى كل زمان ومكان.. تبدو الصحافة انعكاسا للوضع السياسى السائد.. ترتدى ثياب الحالة وتحاكى مجريات الواقع.. دون أن تشوه صورته أو تغير شكل ملامحه.. ترسم تفاصيله بدقة ولم تكن يوما غير تلك الحالة.. هى الأقرب إليه.. تجسده وتتلاحم معه وتذوب فى قضاياه وتدعم استقراره وترسخ جذوره. تحتاج الصحافة ــ رهنا ــ لرؤية مهنية فاعلة تصوب أخطاء الممارسة.. لتكون حائط صد لما اعترى المجتمع من متغيرات وفدت إليه وتوغلت فى جسده وأحدثت خللا فى توازنه وألقت بظلال وخيمة على مشهد عام لقيم وتقاليد مصرية أصلية.. غيبتها عن الوجود وأسهمت فى اندثارها.

يفرض الوقت ــ بإلحاح ــ شدة الحاجة لصحافة أكثر تلاحما مع نظام سياسى أعظم وطنية مما مضى.. يسابق الزمن بالبناء على درب ملىء بالعثرات.. يعيد صياغة دولة وقفت طويلا على شفا جرف هار ولولا رئيس بعثت به الأقدار لتاهت الخطى على طريق الضياع وتمكن منها خونة الداخل وأعداء الخارج وأسقطوها.

الصحافة فى أشد الحاجة أكثر مما مضى لمشروع مهنى عظيم يليق بدولة عظيمة.. تنطلق خطاها على طريق البناء وتسعى جاهدة.. تصوب أخطاء الماضى وتسدد الثمن باهظا.. مشروع ينشر الأمل بين المصريين ويغرس فى النفوس المتعبة التحلى بالصبر على مشقة البناء ووعثاء الرحلة إلى حياة الإعمار.. مشروع يضع أطرا وقواعد حاكمة للممارسة المهنية فى زمن متغير ومضطرب.. يكسب الصحفى عملا مهنيا فى بيئة آمنة وضامنا فى ذات الوقت ــ تحقيقا ــ لاستقرار الدولة.. مشروع يعيد بريق المهنة وقوة المهنة وتأثير المهنة وما من سبيل غير إعادة ترتيب بيت المهنة من الداخل بحوار مهنى ــ عصفا ــ بالأفكار وبلورة تصور ــ خروجا ــ به للجماعة الصحفية.. ليصير منهجا ملزما للجميع . فالمهنة فى خطر والابتعاد لتكون فى منأى عن الخطر- موقفا- حتميا تتخذه النقابة عاجلا وما أعظم الكلمة.. فهى الهدى فى طريق النور للشعوب والمساندة لاستقرار الدول.


لمزيد من مقالات عبد الرءوف خليفة

رابط دائم: