رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصر بين وقف التصعيد وحل الدولتين

سوف أظل ممتناً ومقدراً بل ومتحيزاً للموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية حيث إن مصر لم تتخل طوال عقود مضت وحتى الآن عن تقديم كل الدعم الممكن لهذه القضية، وسوف أكرر مقولتى بأن مصر لن يهنأ لها بال حتى ترى الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية وأن يتحقق ذلك على مائدة المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.

وفى هذا المجال لابد لى من الإشارة إلى موقفين رئيسيين ارتبطا بالتحركات المصرية خلال الأيام الماضية، الأول لقاء السيد/ الرئيس عبدالفتاح السيسى مع وزير الخارجية الأمريكى فى القاهرة يوم 30 يناير وتأكيد سيادته أهمية وقف التصعيد وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، ثم إيفاد السيد/ رئيس المخابرات العامة إلى رام الله ونقل رسالة دعم للسلطة والقضية الفلسطينية إلى الرئيس أبو مازن، وقد جاءت هذه التحركات عقب تصاعد التوتر مؤخراً بين إسرائيل والفلسطينيين، ولاسيما فى جنين والقدس، وبما كان ينذر باحتمالات انفجار الموقف.

من المؤكد أن دوامة العنف التى تشهدها المناطق الفلسطينية لن تتوقف مادام الشعب الفلسطينى يفقد يوماً بعد يوم كل طموحاته فى أن يحصل على أقل حقوقه وأن يعيش فى دولة مستقلة مثل جميع دول العالم، ناهيك عن أن الإجراءات الإسرائيلية العنيفة تجاه الفلسطينيين والتى تشمل الاعتقال والقتل وهدم منازل والتهجير والاستيطان واقتحامات المدن الفلسطينية والمسجد الأقصى سوف تدفع الفلسطينيين حتماً إلى الرد عليها بأى وسيلة يمكن أن يصلوا إليها.

ولاشك أننا ضد قتل الأبرياء فى أى مكان فى العالم وهذا هو موقفنا الثابت، إلا أنه يجب على القادة الإسرائيليين أن يتساءلوا بينهم وبين أنفسهم ولو لمرة واحدة عن الأسباب التى تدفع الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، ثم عليهم أن يتساءلوا أيضاً ماذا سوف يكون عليه الوضع إذا حصل الفلسطينيون على حقوقهم وانتهت أسباب الصراع، وفى تقديرى أن الإجابة التى يمكن أن يصل إليها الساسة الإسرائيليون إذا مافكروا بمنطقية وعقلانية سوف تقودهم إلى نتيجة واحدة وهى أن دوامة العنف سوف تتوقف، وأن المنطقة ستشهد تعايشاً سلمياً بين دولتين جارتين يحتاج كل منهما للأخرى. وإذا كنا نركز بشكل كبير على وقف التصعيد بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ونجد أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولى كله يتحرك صوب مصر لمساعدتها فى احتواء أى توتر، فإن هذا يعد أمراً طبيعياً فى ضوء ماتمتلكه مصر من قدرات وخبرات وعلاقات تمكنها من التواصل الفعال مع جميع الأطراف وتنجح فى وقف التصعيد، ولنا فى الموقف المصرى تجاه الحروب الإسرائيلية الخمس على قطاع غزة منذ عام 2008 وحتى عام 2022 خير مثال على ذلك، حيث إن مصر كانت هى الدولة المحورية فى التوصل إلى التهدئة التى أنهت تلك الحروب، فهذه هى مصر وهذه هى مكانتها الإقليمية والدولية.

وبالرغم من هذا الجهد المصرى المتفرد والناجح لوقف التصعيد، فإننى أؤكد أن موقف مصر فى هذا الشأن لا يمثل هدفها النهائى حيث إن القناعة والسياسة المصرية تتمثل فى أن التهدئة تعد أمراً مؤقتاً يجب أن يمهد إلى حل سياسى دائم وعادل حتى لاتتكرر مآسى ونتائج التصعيد، وهنا نلاحظ أن القيادة السياسية المصرية لا تترك أى فرصة إلا وتؤكد خلالها أن استقرار وأمن المنطقة يرتبط بحصول الفلسطينيين على حقوقهم طبقاً لمقررات الشرعية الدولية.

ومن المؤكد أن مصر سوف تظل حريصة على التحرك لوقف أى تصعيد، ولكنها سوف تكون أكثر حرصاً على أن يكون هذا التحرك تمهيداً لعملية سياسية تحقق مصالح وأمن جميع الأطراف، وكم أتمنى أن يكون هذا الموقف المصرى الموضوعى قائماً لدى الجانبين الإسرائيلى والأمريكى، ولكننى أرى فى هذا الشأن نقطتين أساسيتين الأولى أن الولايات المتحدة تتحرك لوقف التصعيد أكثر بكثير من تحركها فى اتجاه الحل السياسى، حيث تؤكد تبنيها مبدأ حل الدولتين دون أى خطوات تنفيذية وتعارض بهدوء الخطوات الأحادية الجانب، ثم ينتهى الموقف الأمريكى عند هذا الحد، والنقطة الثانية أن وقف التصعيد بالنسبة لإسرائيل يعد هدفها النهائى وهذا هو الخطأ والخطر الجسيم الذى سوف يؤدى إلى استمرار العنف، بل سيدفع الأمورإلى مزيد من التدهورغير المحسوب مادمنا فى وضع يفتقد إلى أى أفق سياسى.

وبالتالى فإن معطيات الوضع الحالى تؤكد أن كل عوامل انفجار الموقف بين الإسرائيليين والفلسطينيين مازالت قائمة وواضحة ويمكن أن تمتد فى أى وقت إلى قطاع غزة، ولعل القراءة الموضوعية لتطورات الموقف فى المناطق الفلسطينية لابد أن تدفع الأطراف إلى ضرورة الإسراع فى التحرك على مسارين متوازيين الأول الحفاظ على التهدئة ووقف أى تصعيد، والثانى وهو فى رأيى الأهم والأصعب فهو المسار السياسى الذى يجب الانخراط فيه مهما تكن تعقيداته، وعلينا ألا ننسى أن مصر وقعت أول معاهدة سلام فى المنطقة مع مناحم بيجين.

الخلاصة أننا يجب ألا نتوقف عند العوامل المحبطة للتحرك مثل التوجهات المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الحاليةأ وانشغال الإدارة الأمريكية بقضايا أهم من القضية الفلسطينية أو الدعم الأمريكى اللامحدود لإسرائيل أو حتى الانقسام الفلسطينى، بل علينا أن نقفز قدر المستطاع إلى مرحلة تحرك سياسى يركز على استئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، وهذا هو الهدف التكتيكى الذى يجب إنجازه خلال الفترة المقبلة بجهد مصرى فى الأساس، وفى النهاية على إسرائيل أن تعلم أن السلام والأمن الذى تنشده لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، وليس باستمرار الاحتلال أو بتوسيع دائرة التطبيع العربى والإسلامى أو حتى بمواجهة إيران.


لمزيد من مقالات لواء. محمد إبراهيم الدويرى

رابط دائم: