رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دفاعا عن حقوق الإنسان أم فرض الوصاية؟

فى تكرار لنفسية آليات الضغط والابتزاز والاستفزاز التى تمارسها بعض الجهات والمؤسسات الغربية ضد دولنا، خصص البرلمان الأوروبى جلسة، هى الأولى من نوعها، من أجل تدارس حقوق الصحافة وحقوق الانسان فى المغرب، عمر الراضى نموذجا. تلا هذه الجلسة التصويت، الخميس الماضى، لمصلحة قرار ينتقد أوضاع الصحافة وحقوق الانسان بالمغرب، بحضور 430 برلمانيا من اصل 704. من ناحية، المعروف ان الصحفى الذى وضعه البرلمان الأوروبى نموذجا لفرض وصايته على المؤسسات القضائية والحقوقية المغربية، لم يتم اعتقاله بصفته صحفيا، وإنما بسبب تهمة جنائية وهى الاغتصاب. والمغرب، منذ سنة 2016، حذف العقوبات السالبة للحرية فى حق الصحفيين من قانون الصحافة، وهناك احترام لشرط علانية المحاكمة. كما أن إجراءات توقيف الصحفى المذكور تمت وفقا للدستور والقانون ومقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وتمتع هذا الشخص بضمانات المحاكمة العادلة. من ناحية أخرى، وفى تعد سافر على الاختصاصات، تداول البرلمان الأوروبى مسألة داخلية لدولة ذات سيادة، دون توافره على الوسائل اللازمة للتحقق من ادعاءاته. كما ان البرلمانيين الذين صوتوا لمصلحة القرار لا يملكون الاختصاصات اللازمة لاتخاذ القرار المناسب، مما يجعل هذا القرار باطلا شكلا ومضمونا، ولا يعدو كونه مجرد تشويش واستفزاز وتشكيك فى نزاهة القضاء. يستمر البرلمان الأوروبى فى إبراز القضايا الحقوقية ببلدان الجوار، بينما يتغاضى عن قضايا مشابهة بالبلدان الأوروبية نفسها. فكيف يناقش هذا البرلمان احترام حقوق الإنسان والصحافة فى المغرب، بينما يتفادى مناقشة استغاثة النائبة الأوروبية اليونانية، المقالة من منصب نائب رئيس البرلمان الأوروبى، على خلفية قضية الفساد والتى تشتكى من ظروف اعتقالها والوضع المزرى داخل زنزانتها الباردة والمظلمة. وكيف سيبرر مشرعو البرلمان الأوروبى وصف المدعوة لظروف اعتقالها بأنها تعذيب يشبه أوروبا العصور الوسطى؟ التدخل السافر فى شئوننا الداخلية وإشهار ورقة حقوق الإنسان، كلما لزم الأمر، مقابل التغاضى عن وضعية ذات الحقوق لديهم والتمييز المستمر ضد الأقليات، يزيدنا يقينا بأن الغرب يتعامل مع قضايا حقوق الإنسان بازدواجية، ويتم استغلال هذا الملف لتصفية حسابات سياسية ضيقة او ممارسة المزيد من الضغط على دول بعينها كنوع من الابتزاز السياسي. وبدل ان يضيع البرلمان الأوروبى، او غيره، وقته ومجهوده فى مناقشة الأوضاع الحقوقية لدول ذات سيادة والتدخل فى شئونها الداخلية، من الأولى إنجاز مهامه الثقيلة المتعلقة بالبناء التشريعى لأوروبا المهددة بالتفكك وتحسين العدالة الأوروبية. وكرد على البرلمان الأوروبى، استنكرت هيئات إعلامية وحقوقية وقضائية وسياسية فى المغرب قراره المستفز، وأجمعت على إدانة التوظيف السياسى لحقوق الإنسان من أجل الضغط السياسى والاقتصادى على المغرب لخدمة أجندات ولوبيات يزعجها المسار الديمقراطى والتنموى الذى يعرفه هذا البلد الإفريقي. فليس من المعقول ولا المسموح التدخل فى الشأن الداخلى لأى دولة، والتدخل فى حكم قضائى صادر عن محكمة مختصة وفقا للتشريعات الوطنية المعتمدة. والدستور المغربى لسنة 2011، خصص بابا كاملا (الباب الثانى) تحت عنوان الحقوق والحريات الأساسية ووضع مؤسسات دستورية معنية بحقوق الإنسان. كما أنه كرس مبدأ استقلال السلطة القضائية من خلال الباب السابع للدستور، وجعل النيابة العامة مستقلة كذلك عن الجهاز التنفيذى بموجب القانون. كما ان العاهل المغربى، باعتباره رئيسا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، جعل من بين أعضاء هذا المجلس مؤسسة الوسيط والمجلس الوطنى لحقوق الإنسان، وهو ما يدل على حرص المغرب على احترام حقوق الإنسان وتكريس دولة الحق والقانون. بالتأكيد، هناك إرادة سياسية للارتقاء بجميع الحقوق وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان فى كل المجالات والمؤسسات، والتمسك باستقلال القضاء وحمايته من كل التدخلات والضغوط الخارجية كيفما كانت، طبقا للدستور والقانون التنظيمى للقضاء، وتحسين وتحصين المكتسبات الدستورية بخصوص توفير المحاكمة العادلة باعتبار ذلك واجبا دستوريا وقانونيا وأخلاقيا. والمغرب مصر على مواصلة مسار الإصلاحات التى بدأها مند عقدين، بمرجعية وطنية وبقوى الشعب المغربى، الذى أثبت نجاعة دفاعه عن حقوقه والنضال والترافع من أجلها، والمطالبة بإصلاحات وانتقاد بعض المؤسسات بكل مسئولية وفى إطار من التعددية والحق فى الاختلاف. وعلى البرلمان الأوروبى، او غيره من المؤسسات، الإدراك ان الشراكة المغربية الاوروبية لا تعنى فرض الوصاية علينا او توجيه قضائنا ومؤسساتنا او اعطاءنا دروسا فى الحقوق والحريات، وان أى شراكة ناجحة ودائمة يجب ان تبنى أولا وأخيرا على الحيادية والاحترام المتبادل.

 


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: