كنتُ فى لبنان لحضور اجتماع فى مركز دراسات الوحدة العربية عندما عقد البرلمانُ جلسته الحادية عشرة تحت عنوان «انتخاب رئيس الجمهورية». لم يختلف الوضعُ فى تلك الجلسة عن سابقاتها العشر. سيناريو يُعادُ إنتاجه فى كل مرة. ولا جديد فيه هذه المرة إلا إعلان بعض النواب الاعتصام فى مقر المجلس, رغم أن إنهاء شغور الرئاسة الأولى لا يتحققُ بالاحتجاج وحده.
ويُفيدُ تأمل المشهد العام أن قصر بعبدا سيبقى خارج نطاق الخدمة، ما لم يحدث تفاهمُ إقليمى–دولى ليس مستبعدًا ما لم يُشعل عدوانُ إسرائيلى محتمل على إيران المنطقة كلها. وهذا ما اتفق عليه تقريبًا أصدقاء من معظم التيارات التقيتُهم خلال وجودى هناك. ولكنهم يختلفون على تكييف العلاقة بين التفاهم الخارجى والاتفاق الداخلى. ويرى بعضُهم أن الحل سيكونُ فى صورة صفقةٍ سياسية لصعوبة العثور على مرشح توافقى فى الظرف الراهن.
ويشملُ سيناريو الصفقة فى هذا السياق انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة فى آن معًا. والمقصودُ أن يكون كل منهما معبرًا عن أحد الاتجاهين الأساسيين المتصارعين فى الداخل اليوم، وعن أحد الطرفين الخارجيين الأكثر تأثيرًا فى رسم المشهد السياسى اللبنانى.
وعلى سبيل المثال، فإذا أراد الراغبون فى انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية ضمان فوزه، عليهم أن يقبلوا رئيس وزراء تتفقُ عليه مكوناتُ الاتجاه الآخر أو أكثرها. وهذا هو السبيل الوحيد لتحريك الجمود السياسى، ولكن فى إطار الوضع القائم، وليس فى سياق إصلاحٍ ما. ويرى بعض من يعتقدون فى سيناريو الصفقة السياسية أن أستاذ القانون والدبلوماسى نواف سلام هو من يمكنُ أن يحقق توليه رئاسة الحكومة التوازن الذى تقومُ عليه هذه الصفقة. فهو يبدو مقبولا فى أوساط الاتجاه الذى تدعى مكوناتُه أنها معارِضة والأطراف الخارجية الداعمة لهذا الاتجاه، وليس مستفزًا فى الوقت نفسه للاتجاه الآخر. كما أن فرص التعاون بين فرنجية وسلام قد لا تكونُ قليلةً رغم الخلافات الواسعة بينهما.
غير أن هذا السيناريو يبقى نظريًا إلى أن يقتنع المتصارعون فى لبنان وعليه بضرورة البحث جديًا عن رئيس.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: