رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ماذا بعد انضمام 4 أقاليم أوكرانية إلى روسيا؟

انضمام أقاليم لوجانيسك ودونيتيسك وزابوريجيا وخيرسون إلى روسيا متغير جيواستراتيجي، حتى مع إصرار دول حلف الناتو على عدم الاعتراف بالاستفتاءات التى جرت، ورفض انضمام تلك الأقاليم إلى روسيا، فهذا لا يغير الواقع على الأرض، ولا يبدو أن روسيا يمكن أن تتراجع عن قرار الضم، بل ستعتبره مرحلة جديدة من الحرب مع حلف الناتو، وسيكون أى هجوم على تلك الأقاليم اعتداء على روسيا، وسيكون الرد الروسى المتوقع شن هجوم واسع على القوات الأوكرانية المحاذية لتلك الأقاليم، والسيطرة على الأجزاء المتبقية منها تحت السيطرة الأوكرانية، أما الأهم فهو شن هجمات على شبكات السكك الحديدية، بما يقطع خطوط الإمدادات العسكرية، وستمتد الضربات إلى مراكز إنتاج وخطوط الطاقة الكهربائية والنفط والغاز، لإحداث شلل واسع فى المواصلات والإنتاج، ويمكن أن توجه روسيا ضربات إلى الوزارات ومراكز اتخاذ القرار. هذا السيناريو الأكثر ترجيحا سيضع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى فى الزاوية، وعليها إما أن تضاعف تدخلها فى الحرب، بما يترتب على ذلك من مخاطر وقوع حرب مباشرة، أو الاكتفاء بتقديم المزيد من العتاد والدعم اللوجيستى وتشجيع أوكرانيا على توجيه ضربات إلى مواقع حيوية فى شبه جزيرة القرم، مثل الجسر الواصل بين القرم وخيرسون، أو مقر الأسطول الروسي، ولكن مثل تلك الضربات لن تغير الأوضاع فى حال نجاحها، وستمضى روسيا بعناد إلى تحقيق أهدافها، بعد أن تكون قد حشدت الأعداد الكافية من القوات لتحقيق تقدم واضح، والذى اضطرها إلى إعلان تعبئة جزئية لحشد نحو 300 ألف مقاتل إضافى فى الحرب الأوكرانية، وغالبا لن تدفع بالقوات التى جرى استدعاؤها إلى خطوط القتال، بل سيتولون أمور الحراسات والمهام الأكثر سهولة.

التحدى الذى يظهره الرئيس الروسى بوتين، والثقة التى يبديها حول انهيار نظام القطب الواحد يؤكد أنه ماض فى الحرب إلى المدى الذى يحقق معظم الأهداف الروسية، والتى بدأت بما سماه عملية عسكرية خاصة لحماية سكان إقليم دونباس من هجمات نظام كييف، لتتحول إلى حرب مع حلف الناتو بالوكالة، وتكاد تتحول إلى مواجهة مباشرة وواسعة، فلن يكون كافيا ما أعلنته الولايات المتحدة عن مساعدات عسكرية إضافية بقيمة مليار ومائة مليون دولار، وكذلك العقوبات الإضافية التى أعلنها الاتحاد الأوروبي، والتى وصفها الرئيس الأوكرانى زيلينسكى بأنها لا ترتقى إلى مستوى التحديات، لكن الحقيقة أن الاتحاد الأوروبى استنزف قدراته، ولم يعد بيده جديد يقدمه لأوكرانيا، وما يشغله هو كيف سيواجه الأزمة الوشيكة للطاقة مع اقتراب الشتاء الأصعب، وكيف يكبح التضخم العصى على الاحتواء، ويواصل الصعود ومعه يزداد الغضب الشعبي، وينبئ بقرب حدوث اضطرابات واسعة، وليست مظاهرات فرنسا والتشيك فى الأيام الأخيرة إلا فقاعات أولية للغليان القادم الذى سيطالب دول أوروبا بإيقاف الحرب، وإلغاء العقوبات المفروضة على روسيا، حتى يعود ضخ الغاز الرخيص، وربما جاء تفجير خطى أنابيب السيل الشمالى الأول والثانى للحيلولة دون تحقيق هذا المطلب الذى سيرفعه المعارضون للحرب واستعداء روسيا، ووضعهم أمام أمر واقع، وإجراء جراحة عنيفة تقطع أهم شريانين للغاز الروسى إلى ألمانيا وباقى أوروبا.

هكذا دخلت الحرب الأوكرنية مرحلة جديدة أكثر سخونة وخطورة، لأن أيا من طرفيها لم يحقق ما يصبو إليه فى الجولة الأولى، ولم ينجح حلف الناتو تحت القيادة الأمريكية فى تحطيم الاقتصاد الروسي، وفق توقعات قادتها المعلنة، ولم تحدث فى روسيا اضطرابات تؤدى إلى ثورة ملونة تطيح بحكم بوتين، وفى المقابل حقق الجيش الروسى نصف انتصار على الأقل بالسيطرة على الأقاليم الأربعة، لكنه لم يصل إلى مبتغاه بالسيطرة على كل من خاركيف وميكولاييف وأوديسا، فقد كانت القوات التى حشدها، أقل من مائتى ألف مقاتل، غير كافية للسيطرة على تلك المناطق الشاسعة، فى مواجهة نحو 700 ألف مقاتل أوكرانى مدعومين بالعتاد والدعم اللوجيستى من الناتو، وتنطلق الجولة الثانية وكل طرف يأمل تحقيق مالم تحققه الجولة الأولى، وإن كانت دول الاتحاد الأوروبى أقل ثقة فى تحقيق انتصار على روسيا، وكل ما أصبحت تأمله أن تنجو من تلك الحرب، وتخرج بأقل قدر من الخسائر، وأن يمر الشتاء بسلام على حكوماتها المغضوب على سياساتها، فى ظل تذمر متزايد من الغلاء وشح الغذاء والطاقة، بينما الولايات المتحدة مع بريطانيا الأكثر حماسا لخوض الحرب، وإن كانت كل آمالهما إضعاف روسيا، وعدم خروجها منتصرة.


لمزيد من مقالات مصطفى السعيد

رابط دائم: