رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جرة قلم
قصة رمزية

فى الذكرى الـ ٢٢ لاستشهاد الطفل الفلسطينى محمد الدرة فى غزة انفردت جريدة «المصرى اليوم» أمس الأول بلقاء مع والد الطفل الشهيد المواطن الفلسطينى جمال الدرة وابنه الشاب محمد الدرة، نعم محمد الدرة، لا خطأ هناك، فمحمد الدرة الآن شاب فى العشرين من عمره، لأن الشهداء الفلسطينيين لا يموتون، والكفاح الوطنى الفلسطينى لا يتوقف، فإذا مات الطفل محمد الدرة فى مثل هذه الأيام من عام ٢٠٠٠ فوجئنا بعد مرور السنين بمحمد الدرة أمامنا وقد أصبح شابا يافعا يرافق والده فى رحلة إلى القاهرة، هى قصة رمزية ذات معنى ومغزى عادة ما تعمى أبصار دولة الاحتلال عنه، متصورة أنها باستمرار هجماتها الوحشية على الفلسطينيين ستقضى عليهم وتمحو آثار جرائمها التاريخية الممتدة من عام ١٩٤٨ إلى اليوم.

لقد خرج المواطن الفلسطينى جمال الدرة من بيته فى غزة يوم ٣٠ سبتمبر عام ٢٠٠٠ قاصدا سوق السيارات ومعه طفله الصغير محمد الذى أراد أن يختار مع والده سيارة العائلة التى سيشتريها، لكن نيران قوات الاحتلال الغادرة فاجأتهما فى شارع صلاح الدين جنوب القطاع، فاختبأ الأب بسرعة خلف أحد البراميل وقد احتضن ابنه فى صدره ليحميه من نيران قوات الاحتلال المنهمرة عليهما، لكن الجنود تعقبوهما فى مخبئهما البدائى وانهالوا على الرجل الأعزل وطفله بطلقاتهم الغادرة دون رحمة، فقتلوا الطفل الصغير وأصابوا الأب فى عدة مواقع من جسده، وقام مصور وكالة الأنباء الفرنسية طلال أبو رحمة بالتقاط صورة هذا الحدث المروع لحظة وقوعه، ولولا ذلك لأنكرت إسرائيل جريمتها البشعة كما فعلت أخيرا مع الإعلامية شيرين أبو عاقلة، وهكذا لفتت صورة محمد الدرة العالم كله، وتحولت إلى أيقونة الانتفاضة الفلسطينية الثانية فمنحتها الحمية لخمس سنوات تالية، لكن الأب المكلوم أقسم بعد رحيل ابنه أن يعيده للحياة مرة أخرى بأن يقوم بتسمية نجله التالى باسمه، وكأن محمد الدرة لم يمت، واليوم صار محمد الدرة الذى تصورت إسرائيل أنها قادرة على القضاء عليه وعلى شعبه شابا فلسطينيا جميلا يحمل دائما اسم محمد الدرة.. كم من المرات يكتب لنا التاريخ قصصا رمزية قد يعجز الأدباء عن تأليفها!.

[email protected]
لمزيد من مقالات محمد سلماوى

رابط دائم: