رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الملكة الأسطورة.. وحضارة شعب!

شهدت مراسم الجنازة الملكية للملكة اليزابيث الثانية أكبر تجمع دولى لرؤساء العالم ولشخصيات دولية، وأبرزت مراسم التوديع القوة الناعمة لبريطانيا وأن الملكية جزء لا يتجزأ من حياة المملكة وأن المملكة اليزابيث الثانية ألهمت الناس كما وصفتها رئيسة الوزراء ليز تراس بأنها تحلت بروح التضحية والخدمة. لقد أبرز المراقبون كيف كان رؤساء الوزراء فى بريطانيا يأخذون منها النصيحة وأن دورها كان فعالا وقائما بفهمها الوضع الدبلوماسى العالمى والتزامها القضايا العزيزة على قلبها، وكيف أنها فرضت حبها على الجميع حتى إن شعبية نجلها الملك تشارلز الثالث قفزت من 51% إلى فوق السبعين. وصفها الرئيس ماكرون بأنها ملكة القلوب، أبهرت العالم على مدى 70 عاما من الحكم، لأنها لم تتطلع إلى أن تكون غير نفسها.. متحفظة خلال المراسم الرسمية، دافئة ومرحبة بوجود الجماهير.. تتمتع بحس الفكاهة والدعابة.. وصفها المؤرخ البريطانى انتونى بيفور بأنها كانت تمثل للبريطانيين «استقرارا مطمئنا». كانت تشعر بالسعادة فى المساحات الواسعة الخضراء حول قصر بالمورال.. وكانت تشع حولها الطمأنينة التى كانت ثمرة الاستقرار الدافئ والاستمرارية فى عصر المتغيرات المضطربة عالميا.. رغم الاحترام والإجلال الذى كانت تتمتع به لم تأخذ نفسها بجدية.. عندما كانت صغيرة لم تتصور أنها سوف تعتلى عرش بريطانيا.. عندما كانت انجلترا مهددة بالغزو عام 1940 رفض والداها سفرها هى وشقيقتها إلى كندا وبقيت العائلة لمشاركة الشعب المخاطر.. بعدها بقليل انضمت للقوى النسائية للجيش كسائقة وميكانيكية وتفوقت فى هذا المجال، سنوات بعدها، أصبحت مناصرة لحقوق المرأة وركزت على إحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية لتجسد رمزيا الاحساس بالواجب والتضحية.. فى عام 1980 اثبتت مدى تمتعها بالنزاهة والأيادى النظيفة فى مواجهة انسياق الطبقات العليا البريطانية نحو المكاسب السهلة للرأسمالية المهترئة التى عبرت الاطلنطى. وعندما استقبلت المؤرخ انتونى بيفور قالت له: «لم أقرأ أى كتاب لك!».. وكان كتابها المفضل للكاتب ديك فرانسيس الذى كتب روايات بوليسية تدور فى عالم سباق الخيول.. هذا لم يمنعها أن تكون ملكة يقظة وحكيمة تتمتع بمعرفة متعمقة لقضايا العالم، تمضى ساعات منكبة على جميع ملفات الحكومة حتى شعر بعض الوزراء بالحرج، لأنها كانت أكثر إلماما منهم بها! ومع ذلك تمتعت بروح الدعابة والفكاهة المميزة، لا شك فى أن 2022 يشكل تقلبا وانكفاء مرتبطا بحرب أوكرانيا لكنه يمثل للانجليز نهاية عصر عظيم، الوحيد الذى عرفه الاغلبية العظمى منهم... الملك تشارلز الثالث يعلم جيدا أن القارة الاوروبية تنتظر منه الكثير وبالذات انجلترا فى هذه الاوقات العصيبة وهذا لن يكون سهلا... وإنما هو يتمتع بمساندة كاميلا الملكة القرينة.. كما أنه يسعى الى تحديد مصاريف المؤسسة الملكية... والدته الراحلة تأثر بها كثيرا ـ وسوف يسير على دربها ـ تعلم المخاطر التى قد تتعرض لها العائلة المالكة إذا تحول اعضاؤها إلى مجرد مشاهير مدللين بحكم قوة المال، فتتصيد لهم شبكات التواصل الاجتماعى الفوضوية والتى تحول الأبطال إلى مجرمين، والفاسقين إلى أبطال! وإنما الملك تشارلز الثالث سوف يستطيع أن يزلزل كل التحديات، كان لى شرف الحديث إليه ثلاث مرات وذلك بالأزهر الشريف، ومعرض للخطوط الإسلامية بمصر، وحفل استقبال على شرفه دعتنى إليه الصديقة «ليدى نادية بلا مبلى» كريمة الكاتب المرموق يوسف جوهر وحرم السفير البريطانى الأسبق بمصر... سعدت بتلقائيته وحديثة الممتع واهتمامه بالحاضرين وتواؤمه مع المجتمع المصرى وعشقه للحضارة المصرية ولصحراء سيوة، حيث زار المنتجع البيئى العالمى «أدرار املال» بدعوة من خبير البيئة المرموق د.منير نعمة الله. لاشك فى أن الملك تشارلز الثالث مؤسسة متجانسة بحكم تجربته الطويلة إلى جانب الملكة الأم التى فرضت عليه مهام والتزامات كثيرة جدا... وهو خريج كمبريدج العريقة ويتمتع بولع شديد بالتاريخ والثقافة والحوار بين الأديان والعمل التطوعى وروحانياته أكسبته صلابة فى مواجهة المحن.


لمزيد من مقالات عائشة عبدالغفار

رابط دائم: