رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مشرفة وتليسكوبى هابل وويب (1-2)

لم أجد وسيلة أفضل من مراجعة كتاب مطالعات علمية، مطبعة الاعتماد، 1943، للدكتور مصطفى مشرفة قبل الحديث عما أذاعته وكالة ناسا الأمريكية يوم الإثنين الموافق 11 يوليو2022، عن استقبال الصور المذهلة التى أرسلها التليسكوب العملاق المسمى ويب على اسم السيد جيمس ويب. تشاء إرادة المولى أن يكون الحادى عشر من يوليو هو الموافق عيد ميلاد الدكتور مشرفة فى الحادى عشر من يوليو 1898. وكأن الله أراد أن يكرمه فى عيد ميلاده المائة والرابع والعشرين بأن يكون فى يوم إعلان نجاحات تليسكوب ويب غير المسبوقة.

يقدم لنا الدكتور مشرفة فى كتابه وكأنه دليل ومرشد، الوسيلة المبسطة والمعلومات الأساسيات الواضحة للعامة والخاصة لفهم الكون وإدراك إحداثياتنا فيه بطريقة متقدمة تعكس ما توصل إليه العلم حتى 1943. يصف ذلك فى المقدمة: راعيت أن تكون مادة الكتاب فى متناول القارئ بعيدة عن التعقيد، سهلة الأسلوب دون مساس بالمستوى العلمى، ولم أخض فى التفاصيل الفنية إلا بقدر ما استدعته الضرورة. يقع الكتاب فى 159 صفحة الى جانب صفحة المحتويات والمقدمة. شملت الموضوعات التى طرقها ثلاثة وعشرون موضوعا هى الأرض التى نعيش عليها والتصميم المعمارى للكون والمواد التى تدخل فى بناء الكون والشمس ومنشأ حرارتها والنور والطاقة والقوانين الطبيعية والمصادفة وتركيب الذرة وسياحة فى فضاء الكون والسدم وحرب الأثير ومحمد بن موسى الخوارزمى وابن الهيثم والعلم والصوفية والإضافات الحديثة الى العلوم الطبيعية وأثرها فى تطور التفكيرالعلمى والتطورات الحديثة فى آرائنا عن تركيب المادة والجسيمات التى كشفت حديثا فى علم الطبيعة وعلاقة المادة بالإشعاع وأين يسير بنا العلم الى العمران أم الى الدمار واللغة العربية كأداة علمية والعلم والشباب والحياة العلمية فى مصر وكيف ينبغى أن يوجه العلم والعلماء لتحقيق تعاون عالمى. ندرك من قراءة ذلك كله أن الدكتور مشرفة لم يفرط فى كتابه من شىء بخصوص ما توصلت إليه المعارف فى زمنه.

تحدث عن سيرة الأرض واصفا لها وداعيا القارئ أن يفهمها وكأنه يشاهد شريطا سينمائيا ناطقا يشبه الأفلام الوثائقية فى زمننا هذا، وهو هنا يعكس جانبا من عبقريته وإبداعاته لأنه لم تكن تلك الأفلام التسجيلية قد اكتشفت فى زمنه. يتحدث فى ذلك الفيلم التسجيلى عن عمر الأرض وانفصال القمر عنها والأرض فى طفولتها وظهور الحياة على سطحها وبدء العصور الجيولوجية وعصر ظهور الحيوانات الثديية والعصر الحديث، ويختتم فيلمه بقوله: وهكذا نترك قاعة السينما دون أن نرى أول كائن حى يصح أن نطلق عليه اسم الإنسان، فالقصة التى أحكيها لم تكن قصة الإنسان بل قصة الأرض التى نعيش عليها. ينتقل بعد ذلك الى حديثه عن التصميم المعمارى للكون فى شخصه واصفا بقوله:إذا نظرنا الى السماء خيل لنا أنها على شكل قبة تظهر لنا الأرض تحتها كقرص مستدير بحيث تنطبق حافة القبة على حافة القرص عند الأفق، وإذا كان الوقت ليلا ظهرت النجوم كنقط مضيئة مبعثرة على سطح القبة، هذه المشاهدة تؤدى بنا الى تصور الكون كضريح أرضه الأرض وقبته السماء به مصابيح مثبتة فى قبته هى النجوم ونكون نحن فى هذه الحالة الشيخ تحت القبة. يصف التقدم فى الدراسات الكونية والجديد الذى حدث بالنسبة للمجموعة الشمسية واكتشافات النجوم والعثور على طائفة كبيرة من الأجرام السماوية تعرف بالسدم والتمكن من قياس أبعادها عنا وحركاتها. تحدث عن السنة الضوئية فيقول: إن زيادة الضبط فى استعمال الآلات الفلكية قد أدى بنا الى معرفة أبعاد هذه النجوم عنا. وقبل أن أذكر هذه الأبعاد يجب أن نتفق على وحدة لقياس الأبعاد متناسبة مع المسافات التى سنتكلم عنها وسأتخذ وحدة قياسنا للأبعاد ما يسمى السنة الضوئية أى أننى سأتبع فى قياس المسافات طريقة تشبه الطريقة التى كان يتبعها العرب حين يقولون طولها شهر وعرضها عشر فكذلك سأقول طولها سنة أو سنتان وهكذا. والشىء المفروض تحركه فى حكاية العرب كان البعير الذى يقطع فى الساعة عشرة أميال. وأما فى حكايتى فالمتحرك هو الضوء الذى يقطع 186 ألف ميل فى الثانية، أى أن السنة الضوئية تعادل ستة تريليونات ميل تقريبا. ولكى يمكن مقارنة هذا البعد بأبعاد المجموعة الشمسية أذكر أن بعد الأرض علي الشمس قرابة ثمانى دقائق وثلث دقيقة. وأن المجموعة الشمسية بأسرها لا يزيد قطرها على بضع ساعات ضوئية. أما بالنسبة لتوزيع النجوم التى تؤلف عالمنا وهو الذى يعرف بالعالم المجرى نسبة الى نهر المجرة الذى نراه فى السماء موزعة فى الفضاء على شكل رغيف من الأرغفة البلدى وأن المجموعة الشمسية التى نحن نقطة فيها إن هى إلا أحد نجوم هذا العالم. وأما عن المسألة الثالثة وهى مسألة السدم فقد وجد أن هذه السدم هى فى الواقع عوالم أخرى تشبه عالمنا المجرى وأن أبعادها عنا تقدر بملايين السنين الضوئية. فالكون إذن عبارة عن جملة سدم متفرقة عددها مئات آلاف الملايين بينها مسافات تقدر بملايين السنين الضوئية. وعالمنا المجرى هو أحد هذه السدوم وهو مؤلف من مئات آلاف الملايين من النجوم بينها مسافات تقدر بعشرات السنين الضوئية والشمس هى إحدى هذه النجوم وحولها كواكب أبعادها عن الشمس تقدر بالدقائق أو الساعات الضوئية. الكون لم يتغير منذ كتابة مشرفة ولكن التغيير حدث فى البحث العلمى وفى التقدم التكنولوجى الذى نشهده فى تليسكوبى هابل وويب. سيساعدنا تفسير مشرفة وشرحه ورؤياه فى فهم الكون على ضوء التكنولوجيات الحديثة.


لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة

رابط دائم: