رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمة عابرة
الرشوة والمعلوم

لم يأتِ هذا الخبر بجديد فى ظاهرة خطيرة قديمة ومستمرة: فقد أُلقِى القبض الأسبوع الماضى على طالب، لم يتخرج فى الجامعة بعد، وهو مُتَلَبِّس بالكشف على أحد المرضى فى عيادته الخاصة فى سوهاج متخصصة فى طب الأسنان، وجرى تحريز أدوات فى عيادته غير صالحة للاستخدام، بعضها غير معقمة وبعضها منتهية الصلاحية مما يُستَخدَم فى جراحة الأسنان، وجرى تسليم الطالب للشرطة، وسُجِّل محضر بالواقعة، وعُرِض على النيابة العامة. وقد توصلت التحريات إلى أن الطالب يقوم بإجراء عمليات تقويم الأسنان، وعمليات الجراحة الخاصة بالفك، وله عيادتان غير مرخصتين، والغريب أن أسعار خدماته أعلى مقارَنة بالمراكز الطبية المرخصة فى المدينة! وأما مخالفاته فمتعددة: انتحال صفة طبيب، وممارسة المهنة دون ترخيص، وفتح عيادة دون ترخيص، واستخدام أدوات ومواد غير صالحة.

السؤال المهم: لماذا لا يكون لهذه النوعية من الأخبار وقع الصدمة الذى يؤكد الصحة العامة التى تنفر من هذه الانتهاكات؟ والإجابة لأن الناس اعتادت على هذه الممارسات، التى تحيط بهم، والتى تجاوزت أن تكون محصورة فقط فى محلات وورش تختبئ فيما يطلق عليه (بير السلم)، وصارت تتبجح فى نشاطات تعلن عن نفسها بأعلى صوت، مثل بعض المقاهى التى تسهر للصباح، والتى أضافت إلى مخالفات العمل دون ترخيص انتهاكات صارخة عجز المتضررون عن أن يضعوا لها حداً، مثل الضوضاء الرهيبة، وزادت بالتسبب فى أخطار عامة أخرى، مثل تقديمها الشيشة فى عز الإجراءات الاحترازية من تفشى جائحة كورونا.

ينبغى، كشرط يضمن بداية مجدية، أن نُقِرّ، تحديداً، بأن هناك فساداً متفشياً فى أوساط كثيرين من المكلفين بكشف المخالفات على الأرض بإثبات الحالة فى محضر يصير هو بداية سلسلة الإجراءات القانونية ضد المخالِف حتى نصل فى النهاية إلى العقاب الرادِع، ولكن هؤلاء يتواطأون على تعطيل البداية المهمة مقابل المعلوم، فتوأد بذلك كل الإجراءات من المنبع!

لاحظ أن أولاد البلد توافقوا على تسمية هذه الرشوة (المعلوم)! وهذا ينطوى على معانٍ خطيرة، منها أن هذه النوعية من الرشاوى تفشت إلى حد أنها صارت معلومة بذاتها دون شرح، ومنها أن اليأس العام تراكم منذ زمن بعيد.

[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب

رابط دائم: