رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قضايا التنمية والاقتصاد الرقمى

فى الوقت الذى لا تزال تعيش فيه أجنحة من المجتمع فى غيبوبة الصراع حول معارك الماضى، وكل يوم تملأ الفضاء الرقمى بنزاعات حول قضايا وهمية أو فرعية، فإنه فى المقابل توجد أجنحة أخرى عاقلة تعمل على قضايا التنمية والتقدم والحد من الفقر وتحسين جودة الحياة. ولا شك أن الاقتصاد أهم المسارات لتحقيق ذلك، وفى القلب منه الاقتصاد الرقمى.

لقد دخل الاقتصاد الرقمى، منذ سنوات مربع الأولويات الاقتصادية فى عمليات تحديث المجتمع والدولة؛ حيث أصبح الاقتصاد الرقمى أكثر أنماط الاقتصاد تصاعدا، لاسيما مع ما فرضته جائحة كورونا التى حتمت على العالم التباعد وعدم التعامل المباشر على مستوى الجسد، ووسعت التعامل عبر التواصل الإلكترونى.

وهذا ما أكدناه فى مداخلتنا فى مؤتمر ومعرض تكنولوجيات الاقتصاد الرقمى (سيملس الشرق الأوسط 2020)؛ والتى رجعنا فيها إلى مصادر المعلومات المتخصصة مثل البنك الدولى، ومؤشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كأحد المؤشرات الفرعية لمؤشر الابتكار العالمى الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والمعلومات المعلنة من هيئة الرقابة الإدارية والبنك المركزى المصرى ووزارة الاتصالات ووزارة المالية ووزارة التخطيط وغيرها. وتشير كل هذه المصادر إلى أن ظاهرة الاقتصاد الرقمى قد ارتفعت على نحو متزايد وطردى فى الأدبيات الاقتصادية منذ بدايات القرن الحادى والعشرين، بوصفها نمطا حديثا ومتزايد النمو فى كافة الأنشطة الاقتصادية.

وهناك خمسة معايير رئيسة لتقويم الاقتصاد الرقمى فى أية دولة، حسب البنك الدولى، وهي:

> مدى توافر وجودة المهارات الرقمية.

> حجم وحداثة البنية التحتية الرقمية.

> درجة انتشار المنصات الرقمية العامة.

> حجم الأعمال التجارية الرقمية.

> مدى اتساع الخدمات الرقمية المالية.

وإذا أردنا أن يكون لنا مقعد فى الاقتصاد العالمى، فإن علينا تعزيز الاستفادة من نمو الاقتصاد الرقمي؛ لأنه يمكن أن يسهم من خلال آثاره المباشرة وغير المباشرة فى تحقيق زيادة فى معدلات النمو لأنشطة الاقتصاد المختلفة، وذلك مثل:

> عمليات دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى.

> التدقيق فى تحديد وفرز فئات محدودى الدخل، وتحسين الظروف المعيشية من خلال «خطط استهداف الفقراء».

> تحسين العملية التعليمية ومنظومة الامتحانات.

> تطوير ملفات إدارة الخدمات الحكومية.

التوسع فى الشمول المالى.

> المساهمة الإيجابية فى الناتج المحلى الإجمالى.

وفى سياق الرقمنة داخل الاقتصاد المصرى، فقد اتخذت الدولة جهودا كبيرة، وقامت العديد من مؤسساتها بقطع شوط كبير فى ذلك مثل هيئة الرقابة الإدارية، والبنك المركزى المصرى، ووزارة الاتصالات، ووزارة المالية. وعلى سبيل المثال: فإن هيئة الرقابة الإدارية تقود عمليات التحول الرقمى فى جميع المؤسسات نظرا لأهميتها فى تحقيق الدقة والشفافية فى العمليات المالية والحد من العمليات الفاسدة التى كانت تجد لنفسها مرتعا فى التعامل الورقى البحت. كما أن البنك المركزى المصرى، اتخذ زمام المبادرة فى انتهاج عدد من السياسات الجريئة التى فتحت الطريق نحو التحول الرقمى فى الأنظمة المالية، ونجح فى التكيف مع تداعيات جائحة كورونا عند بداية تصاعدها بسبب ما اتخذه من إجراءات وقرارات سريعة للحد من نطاق التعاملات النقدية المباشرة، مثل: فتح حسابات الإنترنت البنكى لعملاء البنوك، وتطوير وتوسيع البنية التحتية للمدفوعات، ومبادرة البنك المركزى للإقراض الرقمى، وتطوير منظومة التصنيف الائتمانى السلوكى، وتطبيق إجراءات التعرف على هوية العملاء بطريقة إلكترونية لعملاء البنوك الجدد، وإلغـاء الرسـوم والعمـولات المطبقـة عـلى رسـوم نقـاط البيـع والسحب مـن الصرافات الآليـة والمحافـظ الإلكترونيـة لمدة ستة أشهـر، ووضع حد أقصى يومى لعمليات السحب والإيداع بفروع البنوك، وإعفــاء التحويلات المحلية بالجنيه المصرى لمدة ثلاثة أشهر من جميع العمولات. أما وزارة المالية، فقد بدأت منذ سنوات، العمل بنظام معلومات الإدارة المالية الحكومية، وأنظمة التحصيل والدفع الإلكترونى للمستحقات والمدفوعات الحكومية. وكان ولا يزال لوزارة الاتصالات الدور الكبير فى عمليات الرقمنة ودعم مؤسسات الدولة فى عمليات التحول الرقمى. وتشير أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الاتصالات المصرية، إلى المساهمة الإيجابية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى إجمالى الناتج المحلى الإجمالى.

وفى جامعة القاهرة، فقد أعلنا منذ سنوات عن بدء التحول إلى جامعة ذكية من الجيل الثالث فى مؤتمر صحفى فى أغسطس 2017، وكانت خطتنا الإستراتيجية على خمس سنوات، لكننا استطعنا تحقيق معظمها فى ثلاث سنوات، حيث تم الانتهاء من عمليات الشمول المالى كاملة وربطها بقواعد بيانات إلكترونية كاملة لجميع منسوبى الجامعة، واتصالها بالبنك المركزى المصرى ووزارة المالية. وأصبح لدينا أكبر منصة ذكية إلكترونية على مستوى العالم للتعليم والامتحانات عن بعد، ومرتبطة بالنظام المالى للجامعة وتسديد المصروفات، وتستوعب 270 ألف طالب و18 ألف عضو هيئة تدريس و 14 ألف مقرر دراسى. وتم قطع شوط كبير فى تطوير البنية التحتية الرقمية وإدخال الشاشات التفاعلية للتعليم ومراكز الاختبارات الإلكترونية، وجميعها مرتبطة مع بعضها البعض فى نظام رقمى هو الأكبر من نوعه على مستوى جامعات العالم.

------------------------------

 أستاذ فلسفة الدين ــ رئيس جامعة القاهرة ــ عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية


لمزيد من مقالات د. محمد الخشت

رابط دائم: