رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل تمثل الصين تهديدا لأمريكا ؟

منذ أنهى ريتشارد نيكسون الخصومة التى دامت ربع قرن مع جمهورية الصين الشعبية، واستكملها كارتر عام 1977 بالاعتراف والتبادل الدبلوماسى الكامل، والرؤساء الامريكيون المتعاقبون يبدأون رئاستهم بالهجوم على الصين وانتقادها على عدة جبهات، ولكنهم يعودون إلى تبنى نهج المنافسة والتعاون، خاصة مع صعود الصين اقتصادياً، وتبنى صيغة المنافسة والتعاون، كما توصلت إدارتا كلينتون واوباما، إلى دعوة الصين إلى ان تكون شريكاً مسئولاً، خاصة فى النظام الاقتصادى والعالمى. وقد استجابت الصين لهذه الدعوه وأصبحت عضواً، بدعم من الولايات المتحدة فى منظمة التجاره العالمية، وهو ما جعل الفكر السياسى والاقتصادى الصينى يعترف بأن هذه كانت من العوامل التى ساهمت فى الصعود الاقتصادى الصينى والانفتاح على العالم. خلال هذه المسيرة كان المؤرخون والباحثون الامريكيون يتجادلون حول ما اذا كانت الصين تمثل تهديداً للولايات المتحدة ومكانتها بوصفها القوة الأعظم الوحيدة فى العالم، وفى هذا تجادلت المدارس، كما اعتبر الرئيس الامريكى بايدن واركان إدارته الصين أكبر تحد استراتيجى لبلاده فى الثلاثين عاماً القادمة. والمفارقة أنه رغم افتراقات بايدن عن مجمل سياسات ترامب الخارجية، فإن الصين كادت تكون القضية الخارجية الوحيدة التى يتفقان حولها، بل ان وزير الخارجية انطونى بلينكن فى شهادته امام الكونجرس يقول ان ترامب كان على حق فى تشدده مع الصين.

فى هذا الجدل الأمركى يبرز سؤال أساسي: هل حقا الصين تمثل خطراً على الولايات المتحدة؟ فى الاجابة عن هذا السؤال تناقضه وتقدم بديلا له بيانات القيادات السياسية، والمفكرين والباحثين الصينيين الذين يعتبرون ان الولايات المتحدة امة قوية تملك اقوى اقتصاد فى العالم والاقتصاد العالمى. أما اقتصاد الصين فهو فقط 60% من الاقتصاد الامريكى ومازالت الولايات المتحدة تمتلك اقوى قوة عسكرية بفارق واسع، وسوف تستمر قوه اعظم لأنها تملك مقومات القوة مجتمعة. ومن ناحية اخرى، يدلل الفكر الصينى، على ان الصين بلد نام به عدد كبير من السكان ونمو غير متواز، بل إن نمو الصين السريع اعتمد على انفتاحها على العالم الخارجى، وهو ما يجعل العلاقة مع الولايات المتحدة معقده، وتعتمد البلدان على بعضهما البعض, وهو ما دفع الرئيس الصينى إلى القول: ان الاصلاح والانفتاح عملية مستمرة ولن تنتهى..ونبه إلى أن الصين والولايات المتحدة تشتركان فى مصالح دائمة التداخل، يحتم عليهما تبنى معاً نموذجاً جديداً لعلاقات القوى الكبرى وكسر النمط القديم عن الصراع الحتمى بينها؟. ورغم اعتراف الفكر الصينى بأن هناك اسباباً تدفع الولايات المتحدة إلى تنافسها مع الصين أهمها انزعاجها من فقدان موقعها المهيمن لجعل الفجوة فى القوة القومية الشاملة بين الولايات المتحدة والصين تضيق، إلا أن الباحثين الصينيين يطرحون عدداً من العوامل التى تقيد دعم الولايات المتحدة لمنافستها مع الصين، ومن أهم هذه العوامل: عمق واتساع التماثل المتبادل بين البلدين فى تزايد مستمر. تزايد آليات الاتصال المختلفة بشكل كامل وسليم والتى تقدم ضمانات لخفض حدة التنافس. إن مجالات ومستويات التعاون قد تدعمت وهو ما يضعف إمكانات التنافس. إن التنافس سيظل فى نظام يمكن التحكم فيه. إن التنافس يمكن أن يتطور إلى فرص جديدة من أجل التعاون.

على الجانب الامريكى، وفى خيار التعاون بديلا عن الصراع، ورغم لهجة الخصومة، ان لم تكن العداء، التى تتكرر على لسان مسئولين أمريكيين تجاه الصين، فإننا لا نعدم إشارات إلى امكانات التعاون مع الصين، وانه، كما عبر نيكولاس بيرنز الذى أصبح سفيرا لدى بكين: أن الولايات المتحدة ستواصل التعاون مع الصين حينما كان ذلك فى مصلحتنا, وعدد مجالات التعاون: المناخ، ومكافحة المخدارت، والصحة العالمية، وعدم انتشار الاسلحة النووية..

وفى مؤتمره الصحفى الذى عقده خلال قمة المناخ فى جلاسجو تناول الرئيس بايدن رؤيته لعلاقات امريكاً مع الصين واعتبر: أنه ليس قلقاً من حرب قد تنشب بين البلدين، وان ما بينهما ليس نزاعاً وانما منافسة، وما تطلبه الولايات المتحدة من الصين هو أن تتصرف وفقاً لقواعد اللعبة. وبعد تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها، تطورت قنوات الاتصال بين واشنطن وبكين بالاتصال الهاتفى الذى اجراه بايدن مع نظيره الصينى شى جين بينج يوم 18 مارس الماضى واستمر ساعتين، وكان مجمل ما رشح عن الاتصال تأكيد شى ضرورة وقف الحرب بأسرع وقت ممكن لأنه يدرك ان استمرارها يضر بالمصالح الصينية فى التنمية والتجارة ومشروعها الاكبر الحزام والطريق. اما بايدن فان رسالته لشى كانت عدم دعم روسيا اقتصاديا وعسكريا وتوضيح أن ذلك سوف يأتى بأضرار على الاقتصاد الصينى.

وخلال احتدام الحرب ورغم تبادل العبارات الحادة لم تنقطع اتصالات كبار المسئولين الامريكيين والصينيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع ومستشارا الأمن القومى لتوضيح المواقف وتفادى سوء التقدير، وخلالها اشترت الصين صفقة مواد غذائية امريكية غير مسبوقة، وكان ذلك دائما مطلباً امريكيا لسد العجز فى الميزان التجارى، وفى المقابل أعلن بايدن أن إدارته تنظر فى رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية.

وفى كل الاحوال سيظل النزاع حول بحر الصين الجنوبى، وتايوان واعتبارها جزءا لا يتجزأ من الصين من الثغرات الخطيرة فى علاقات القوتين.


لمزيد من مقالات د. السيد أمين شلبى

رابط دائم: