مجرد رأى
متحف للكتاب والصحف

عندما توليت الإشراف على صفحة الرأى فى الأهرام نحو عشر سنوات مر على جميع أصول المقالات التى كتبها عمالقة ذلك الوقت من نجيب محفوظ مرورا بالحكيم وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس وزكى نجيب محمود وأنيس منصور ويوسف السباعى ولويس عوض وصلاح طاهر وبنت الشاطئ ويوسف جوهر وأحمد بهجت وغيرهم كثيرين، وكانوا جميعا يكتبون بالقلم فلم يكن قد ظهر اللاب توب. واليوم أندم أشد الندم لأننى لم أحتفظ بنماذج من هذه الكتابات التى انتهت إلى سلال المهملات.

وقد كان جميع الكتاب يكتبون على ورق الصحف فيما عدا مصطفى أمين الذى يكتب على دفتر مسطور، وزكى نجيب محمود الذى يكتب على ورقة فولسكاب مسطورة ثم يقطعها نصفين وكان مصطفى أمين أسرع الكتاب فإذا أمسك القلم لايتركه إلا عند كلمة النهاية على عكس توءمه على الذى يمزق نصف النوتة التى يكتب عليها قبل أن ينهى المقال، وكان خط هيكل رغم صغره واضحا ولا يشطب ومثله إحسان عبد القدوس الذى يكتب بخط منمق بلا كشط حتى آخر الصفحة أما أكثر الكتاب كشطا فهو يوسف السباعى ويليه يوسف إدريس. وكان أنيس منصور بالغ السرعة فى الكتابة ولا تزيد الصفحة التى يكتب فيها بخط سريع على سبعة أسطر ليس فيها نقطة واحدة، وكان له سكرتير خاص يترجم ماكتبه أنيس بوضع النقط فوق الحروف.

واليوم وبعد أن ضاعت الفرصة أتمنى إقامة متحف يجمع من المصادر المختلفة نماذج كتاباتهم وعددا من الصحف القديمة سواء استمر عصر الصحف الورقية أو انتقل كما يتوقع البعض إلى الإلكترونية. المهم أن يكون للصحافة الورقية معرضها الذى يشاهد زواره كيف كان هؤلاء العمالقة يكتبون، فخط كل كاتب مختلف والتأمل فى هذه الخطوط متعة يقرأ منها المشاهد شخصية الكاتب. إنه أمل أن نسمح للأجيال الحاضرة والقادمة رؤية كفاح الأجيال فى كتابة وإخراج الصحف قبل التكنولوجيا.