كنت أتابع بشغف ذهاب اليابانيين الى المعابد مع بداية كل عام لـ « الصلاة » والدعاء بأن يحمل العام الجديد النجاح والتوفيق والمكسب المادى لهم، ويذهب اليابانى للصلاة فى المعبد مع اى خطوة جديدة فى حياته، فإذا كان مقبلا على الزواج، أو على وظيفة جديدة او مشروع جديد يذهب الى المعبد ويصلى ويطلب من آلهة الخير ان توفقه ..
ومن هنا يمكن أن ندرك فهم اليابانيين للدين والله.
فإذا كان المسلمون والمسيحيون واليهود أصحاب الاديان السماوية يكون الدين لديهم هو علاقة المؤمن بربه، كل حسب فهمه الديني، فان مفهوم الدين عند اليابانيين مختلف، وهو مفهوم نفعى نابع من حب اليابانيين للطبيعة والحياة، فهو يعنى تحقيق الغاية او الهدف، وكما يقول علماء اللغة اليابانية، فإن كلمة الدين او « شيو كيو » هى كلمة مركبة تعنى الطريق المستنير لتحقيق الغاية او الهدف . وهو مفهوم لايبتعد كثيرا عن فهم الصينيين او الهنود غير المسلمين للدين، او المعتقدات الدينية . وكما يقول الكاتب اليابانى المسلم اكيرا هاماناكا، فى مقالة عن الاسلام فى اليابان، ان هذا الفهم للدين جعل عامة اليابانيين والصينيين، يعتنقون اكثر من عقيدة فى وقت واحد، وعلى سبيل المثال، فإن اليابانى العادى يذهب للصلاة فى المعابد الشنتوية والبوذية فى المناسبات المختلفة خاصة بداية العام الجديد، ويقيم حفلات الزواج فى الكنائس المسيحية، وتتم مراسم الدفن وطقوس حرق الجثمان والجنازات على الطريقة البوذية، ويتبادلون الهدايا فى عيد الميلاد، الكريسماس.
اما فيما يتعلق بفهم اليابانيين لله الواحد الذى نعبده فى الإسلام، فهو مختلف أيضا، وينبع من فهمهم السابق للأديان، ويقول عالم الاجتماع الياباني، هاشيزومى دايسابرو، بجامعة طوكيو، ان كلمة « كامى » او آلهة » لإتعبر عن مفهوم الله او God فى اديان التوحيد السماوية الثلاث، الذى هو الاله الوحيد فى الكون، ولكن المقطع الصينى « الكانجى » الذى يعنى كامي، يشير إلى أى اله والى تعدد الآلهة، وقد تجسدت الآلهة فى اليابان منذ القدم فى الظواهر الطبيعية مثل الشمس والقمر والرياح والمطر والبحر، أو بمعنى آخر - اى انسان او نبات او حيوان غير عادى يصبح إلها .. ولهذا، فإن اليابانيين يعتقدون بأن بلادهم ذات طبيعة وافرة وبها ألهة فى كل مكان ...
لمزيد من مقالات منصور أبوالعزم رابط دائم: