جرة قلم
دير السلطان

يبدو أن معركتنا مع إثيوبيا ليست فقط حول مياه النيل التى تطمع إثيوبيا فى الاستيلاء على حصة مصر الشرعية منها، وإنما تمتد لتشمل دور العبادة إيضا، ففى الوقت الذى كان المسيحيون يحتفلون فى جميع أنحاء العالم بعيد القيامة فوجئ رهبان دير السلطان فى القدس والمملوك للكنيسة القبطية المصرية بهجمة مفاجئة لرجال الدين الإثيوبيين الذين قاموا باحتلال الدير ورفع العلم الإثيوبى عليه، ولم تكن تلك هى المرة الأولى التى يشهد فيها الدير مثل هذا الاعتداء الغادر، لكن يبدو أن تهاون السلطات الإسرائيلية فى الهجمات السابقة شجع الإثيوبيين على تكرار المحاولة للاستيلاء على الدير المصرى، وقد صرح الأب أنطونيوس راعى الأماكن الدينية القبطية فى القدس بأن الدير تقدم بشكوى للشرطة الإسرائيلية لوقف الاعتداء الإثيوبى لكنها لم تكترث، بل ساعدت الإثيوبيين على رفع علمهم على الدير الذى يعود تاريخ امتلاك مصر له إلى عهد السلطان عبد الملك بن مروان الذى اتخذ الدير منه اسمه، وترسخت الملكية فى عهد صلاح الدين الأيوبى فى القرن الـ ١٢، لكن حدث فى النصف الثانى من القرن الـ ١٧ أن طرد الرهبان الإثيوبيين من ديرهم لعدم قدرتهم على دفع الضرائب المستحقة فقام رهبان دير السلطان الأقباط باستضافتهم باعتبار الكنيسة الإثيوبية تابعة للكرازة المرقسية بمصر، ثم حين خضع الدير للترميم بعد حرب ١٩٦٧ قامت السلطات الإسرائيلية التى كانت قد احتلت القدس الشرقية، بتسليم مفاتيح الدير للرهبان الإثيوبيين بعد الترميم، بغرض بث الفرقة وتأجيج الصراع بين الجانبين، فتصدى لهم الرهبان الأقباط، لكن قوات الاحتلال قامت بتمكين الإثيوبيين من الدير بالقوة، فلجأ الرهبان الأقباط إلى القضاء وحكمت المحكمة الإسرائيلية العليا بالإجماع لمصلحتهم، لكن السلطات الإسرائيلية ظلت تعمل على تمكين الإثيوبيين من الدير الذى قال الأب أنطونيوس لقناة سكاى نيوز أرابيا إنه أرض مصرية قبل أن يكون قبطيا. لقد استنجد رهبان الدير بالكنيسة القبطية الأم فى مصر، كما أرسل الدير شكوى رسمية لوزارة الخارجية المصرية، فأين الكنيسة، وأين وزارة الخارجية، من هذه البلطجة الإسرائيلية التى لا تكتف بالاستيلاء على أملاك العرب وأراضيهم وانما تمتد لتشجيع الآخرين على الاستيلاء على دور عبادتهم التاريخية؟!!