رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
الديستوبيا بعد الحرب

رواياتُ عن بشرٍ يعيشون فى القرن الحادى والعشرين، ولكن أنماط حياتهم تبدو قريبةً مما كانت فى عصورٍ بدائيةٍ أو قروسطية. من الطبيعى أن تُنتج الحربُ فى أوكرانيا موجةً جديدةً من الديستوبيا، التى ظهرت وتطورت على وقع أحداثٍ رهيبةٍ ومؤلمةٍ تخلقُ شعورًا بالقلق والخوف مما هو آتٍ، وتدفعُ إلى استشراف المستقبل بعيونٍ متشائمةٍ فى رواياتٍ وأعمالٍ دراميةٍ يتباينُ مستوى التشاؤم فى كل منها حسب ما يجودُ به خيالُ الكاتب المتفاعل مع حدثٍ خطيرٍ يهزُ الوجدان ويزلزلُ العقل. وهذا ما يُتوقعُ فى موجة الديستوبيا المقبلة، التى سيتأثرُ كل ُمن مُبدعيها بهذا الجانب أو ذاك فى حرب أوكرانيا.

تُعدُ الحروبُ أحد المؤثرات فى أدبيات الديستوبيا، إلى جانب القلق من سيطرة نظم حكمٍ شموليةٍ على حياة البشر، بات هذا القلقُ المؤثر الاول فى أعمالها الأكثر إبداعًا، منذ رواية الكاتب الروسى يفجينى زامباتين (نحن) المنشورة عام 1920، عقب كشف النقاب عن تسلط النظام الذى أقامه البلاشفة عام 1917، مرورًا برواية ألدوس هكسلى (عالم جديد جرىء) الصادرة عام 1932، فى بداية صعود الفاشية والنازية، ورواية الكاتبة السويدية كارين بوى (كالوكين) التى نُشرت عام 1940 فى بداية حربٍ عالميةٍ شنتها ألمانيا النازية، وليس انتهاءً برواية الإنجليزى جورج أورويل الأكثر شهرة (1984) التى أُصدرت عام 1949 وتأثر فيها بتجربته المؤلمة فى الحرب الأهلية الإسبانية 1936 – 1939، التى كشفت له قواسم مشتركة بين الشمولية البلشفية والنازية وغيرها رغم اختلاف أيديولوجياتها، من حيث سعيها إلى السيطرة على الأفراد ومحو شخصياتهم المختلفة، وتحويلهم إلى كائناتٍ متشابهة.

أما موجةُ الديستوبيا المتوقعُ أن تنتج من ويلات حرب أوكرانيا, فربما يكونُ القلقُ من صدامٍ عالمىٍ تُستخدمُ فيه أسلحةُ نوويةُ إحدى النقاط الأساسية التى قد تنطلقُ منها. وفى هذه الحالة سيكونُ هاجسُ الدمار الشامل، الذى تُحدثهُ حربُ نوويةُ، مُحركًا للخيال الذى قد يذهبُ فى مساحاتٍ أبعد مما بلغته أعمالُ نُشرت فى العقدين الماضيين، وعبرت عن رؤى متشائمة لمستقبل الكوكب الأرضى بسبب الحروب والتغير المناخى، مثل رواية ليديا يكينافيتش (كتاب جوان) الصادرة عام 2016.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: