رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمات
الشيخ نوفل المسحراتى

الشيخ نوفل مسحراتى قرية رواية شباب امرأة، نموذج للمواهب المتعددة، فهو شيخ الكٌتاب، ومقرئ القرية وإمام ومؤذن مسجدها، وحانوتها ومغسل أمواتها ومكفنهم.. وفى الصباح يقرأ القرآن فى بيوت الموسرين، حتى يأتى رمضان ليكون مسحراتى العب كله ويجوب حاراته بطبلته.

يستمع (إمام) صبى الشيخ كل ليلة الى صوت سيده يردد (يا سيد فلان يا أصيل الجدود..ياللى العطا طبعك وأصلك يجود، فكل من بالقرية عند العم نوفل أصيل الجدود)، وكانت له قدرة عجيبة فى معرفة البيوت وأسماء سكانها، فما على الصبى سوى إبلاغه اسم الزقاق أو الحارة، حتى يردد الشيخ أسماء سكانها اسما اسما وهو يدق على الطبلة مترنما بسجعاته، ويظل واقفا حتى يفتح باب البيت منتظرا ما يجود به ساكنه..ويبلغه الصبى بما تم وضعه فى المخلاة، خيارة، قطعة جبن أو عجوة، كعكة، وقسمات وجه الشيخ تنفرد وتنقبض وفقا لنوع الصدقة.

ويختتم نوفل مسيرته الليلية بدوار العمدة، ويسرد له الصبى طبليته بطعامها الشهى لتنفرج أسارير الشيخ ويضرب طبلته لترقص طربا ويتغنى بسيد القرية بل سيد القرى جميعا وعمدتها الذى بعث الله به إليها ليهديها من ضلال، معددا مناقبه وأخلاقه وصفاته وكريم سجاياه وأفضاله على الدنيا كلها وحسناته على الناس والخلق أجمعين، ولا ينسى أن يصف أصله وفرعه وسلالته. وهذا المديح يثلج صدر العمدة ويملأ قبله غرورا وكبرياء وتبتهج مشاعره بهذا الطرب، ويستمع فى نشوة الى هذا الثناء وأصله الكريم الجدود وشجرته التى أصلها فى الأرض وفرعها فى السماء. وحين يرى العمدة الشيخ نوفل يتصبب عرقا من جبينه المتجعد ويبح صوته ويخفت، يرمى له بعظمة ورك دجاجة، فيتلقفها الصبى ويبلغ شيخه بهدية العمدة.

وعندما التقى الشيخ والد الصبى إمام، سرد له أن صوته ينبح فى تعداد مناقب العمدة ثم لا يجود عليه سوى بالعظم، وبينما يسيران فى الطريق فوجئا بالعمدة واشتم نوفل رائحته ليعيد عليه كلمات الترحيب المزيفة (سلمت ودمت وبوركت وعوفيت يا سيدنا وتاج راسنا..يا صاحب الأفضال كلها). ضحك العمدة وتركه يلهث وراءه فى انتظار ما سيجود به هذه المرة، ولكن العمدة تركه يتغنى فى محاسنه بلا اكتراث، فالشيخ نوفل سيتغنى بجود العمدة حتى لو تركه بلا صدقة.


لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى

رابط دائم: