أصواتُ القذائف التى تَدوَّى فى أوكرانيا تؤثرُ فى اتجاهات الناخبين الفرنسيين الذين يستعدون للتوجه غدًا إلى صناديق الاقتراع فى الجولة الأولى للانتخابات الفرنسية. الانتخابات الأوروبية الأهم منذ اندلاع الحرب, بعد انتخابات المجر وصربيا. ويبدو أن هذه الحرب هى التى تجعلُ الانتخابات الفرنسية مختلفةً نسبيًا عن سابقتها عام 2017. تحظى الحربُ بالمرتبة الثانية فى اهتمامات الناخبين، ولا يسبقُها إلا تراجع القدرة الشرائية. وإذا أخذنا فى الحسبان أن هذا التراجع يعودُ إلى ازدياد أسعار الوقود، وارتفاع معدلات التضخم فى المجمل، تصبحُ الحربُ هى المؤثرُ الأول.
وتفيدُ قراءةُ نتائج الاستطلاعات أن لا شىء آخر يبدو مختلفًا فى الأنماط الرئيسية للتنافس الانتخابى، حين نقارنُ بين 2022 و2017. يتركزُ هذا التنافس بين الرئيس المرشح ماكرون، ومرشحة اليمين الأقصى مارى لوبان، التى أخذت خطوةً صغيرةً نحو الوسط بعد ترشح إريك زمور.
ويلاحظُ من يتابعُ هذا التنافس أن الحرب تصبُ فى مصلحة ماكرون، لأنها جعلته حاضرًا طول الوقت فى المشهد الانتخابى بشكلٍ غير مباشر، عبر تحركاته المتعلقة بها. وفى المقابل، وضعت الحربُ منافسته الأولى لوبان فى موقفٍ حرج، بسبب علاقتها مع الرئيس الروسى، إلى حد أنها بذلت جهدًا كبيرًا لتخفيف أثر صورةٍ ظهرت فيها معه قبل سنوات، وقالت إنه لم يعد الآن الشخص الذى جمعته معها تلك الصورة، لكى تحافظ على مركزها فى الانتخابات. كما غيرت موقفها المتشدد ضد الهجرة إلى فرنسا، ورحبت باستقبال الأوكران ومنحهم صفة الحماية المؤقتة.
تفيدُ الاستطلاعاتُ أنها ستحلُ ثانيةً فى الجولة الأولى، لتخوض الجولة الثانية فى مواجهة ماكرون يوم 24 الحالى، فى الوقت الذى يتواصلُ تراجع أحزاب الوسط التاريخية، وفى مقدمتها حزب الجمهوريين الديجولى، والحزب الاشتراكى, كما حدث فى 2017.
وفى هذه الحالة, فالمتوقع ألاَ تختلف جولة الحسم عن سابقتها فى 2017، فيفوزُ ماكرون مستفيدًا هذه المرة من شعور قطاعٍ من الناخبين بالحاجة إلى خبرته فى إدارة أزمات الحرب وما بعدها، إلى جانب عدم استعداد أغلبية الفرنسيين حتى الآن لتجريب حكم اليمين الأقصى وخاصةً فى ضوء علاقة أقطابه مع روسيا.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: