ما أريد أن أقوله فى السطور التالية لا يتعلق فقط بما جرى فى جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول «الخميس» والذى انتهى بالتصويت لصالح تعليق عضوية روسيا فى مجلس حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الأممية وليس أيضا متعلقا بالموقف الدولى من الأزمة الأوكرانية وتطوراتها المتسارعة وإنما هو حديث عن مصر التى سجلت فى هذه الجلسة موقفا تاريخيا يعكس بمنتهى الوضوح عمق استقلالية القرار المصرى فى المحافل الدولية.
وصحيح أن مصر لم تكن الدولة العربية الوحيدة التى امتنعت عن التصويت ضد مشروع القرار الذى تتبناه أمريكا وحلفاؤها الأوربيون وإنما شاركتها فى ذلك 10 دول عربية أخرى هى السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان والأردن والعراق والسودان واليمن بينما عارضت المشروع الجزائر وسوريا ولم يحظ المشروع بتأييد أى دولة عربية سوى ليبيا لكن بيان المندوب المصرى الدائم لدى الأمم المتحدة قطع كل شك حول استقلالية القرار المصرى الذى يؤكد عدم ارتياح مصر للمعايير المزدوجة الواضحة للعيان فى صياغة مشروع القرار المعروض للتصويت.
وفى اعتقادى أن هذا البيان الرصين الذى شرح دوافع مصر للامتناع عن التصويت ينبغى أن يتم تدريسه فى كليات العلوم السياسية والمعاهد البحثية المتخصصة، حيث أكد البيان صراحة جملة حقائق أساسية هى:
(1) أن مصر لا تنظر إلى مشروع القرار باعتباره متصلا بأزمة أوكرانيا أو مبدأ عدم جواز اللجوء إلى القوة المسلحة أو المساس بسيادة الدول وإنما باعتباره مرتبطا بالتوجه نحو تسييس أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وهو أمر ترفضه مصر كمبدأ ثابت لما ينطوى عليه من إهدار للغرض الذى أنشئت من أجله الأمم المتحدة ووكالاتها وأجهزتها وما يقود إليه ذلك من دحض لمصداقيتها وللعمل الدولى متعدد الأطراف.
(2) إن مصر تعتبر أن مشروع القرار يمثل منعطفا خطيرا فى مسار الأمم المتحدة على مدى عمرها لأن مشروع القرار المطروح للتصويت يمثل إهدارا لآليات الأمم المتحدة ومؤشر ينذر ببدء اهتزاز مصداقية المنظمة الدولية وآلياتها وهو الأمر الذى ستكون له تداعيات بالغه الأثر السلبى مما يحد من قدرتها على الاضطلاع بمسئولياتها وفقا لميثاقها وما استقر من عمل بشأنه على مدى 75 عاما.
(3) إن مصر لا تخفى عدم ارتياحها البالغ إزاء استمرار المعايير المزدوجة والكيل بأكثر من مكيال قياسا على ما تم سابقا من الاكتفاء بقرارات أقل حسما وأكثر تساهلا إزاء انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان فى ماض ليس بالبعيد .. وليس يفوت مصر التأكيد فى ذات السياق عن رفضها الكامل لأية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
(4) بناء على ما عرضته مصر من دفوع واعتبارات فإن مصر لا ترى وجاهه لطرح مشروع القرار وتتحسب لآثاره.
هكذا قالت مصر كلمتها وفى يقينها أن الحق أحق أن يتبع وتلك هى مصر الدولة المؤسسة لسياسة عدم الانحياز ومصر التى ترفع عاليا رايات استقلاليه قرارها فوق وقبل كل الرايات الأخرى
خير الكلام:
-
إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: