من بين الأسس التى تقوم عليها جمهوريتنا الجديدة ضرورة نهوض القطاع الخاص بالدور الأساسى فى عملية التنمية المستدامة. ويعرف القاصى والدانى أن (موضة) تحكم الحكومة فى كل صغيرة وكبيرة فى الأنشطة الاقتصادية بالدولة، وامتلاك كل وسائل الإنتاج، وتوجيه الاقتصاد كله من خلال التخطيط المركزى الصارم، قد باتت موضة قديمة بل وعفى عليها الزمن من سنوات، حتى فى أعتى الدول المتمسكة باشتراكيتها.
ونعرف نحن هنا فى مصر أن القطاع الخاص عندنا ينهض بتحقيق أكثر من ٧٠٪ من الناتج القومى الإجمالي، فضلا عن أنه يتولى تشغيل أكثر من ٧٥٪ من الأيدى العاملة. وبناء على هذا فقد باتت سياسة ملكية الدولة لوسائل الإنتاج والملكية العامة تحتاج إلى إعادة نظر، بل أصبحت حتمية اقتصادية من حتميات نجاح التنمية.
وقبل يومين ناقش مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى الملامح الرئيسية لما يعرف بـ « وثيقة سياسة ملكية الدولة» والتى هى جزء من الإستراتيجية القومية لتمكين القطاع الخاص. تلك الوثيقة شارك فى وضعها خبراء ذوو دراية اقتصادية عالية، وكذلك ممثلون عن العديد من الوزارات. والهدف من الوثيقة وضع ضوابط وأسس إعادة تقييم الأصول والقطاعات المملوكة للدولة، وتحديد آليات تخارج بعض هذه القطاعات لتوسيع مجال العمل والانطلاق أمام القطاع الخاص.
ولقد صار من البدهيات المعروفة اليوم فى الأدبيات الاقتصادية أن الدولة لابد وأن تبقى مالكة للبعض من الأنشطة الاقتصادية الحيوية والإستراتيجية، حفاظا على مقتضيات الأمن القومى من جهة، ولحماية الفئات الأولى بالرعاية بالمجتمع من ناحية أخري، مع عدم الإخلال بمبادئ اقتصاد السوق، وترك المجال الكامل أمام المنافسة وحرية الحركة للقطاع الخاص. وترتيبا على ذلك فإن الفترة المقبلة سوف تشهد حراكا غير مسبوق فى سياق حرية القطاع الخاص وفق الضوابط المتفق عليها للحفاظ على حق الدولة ومكتسباتها.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: