رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
رمضان قبل 100 عام

لم يكن شهر رمضان 1340 عاديًا. جاء ذلك الشهر, الذى صادفت بدايته يوم 28 أبريل 1922, بينما أحداثُ كبرى تتوالى، وتختلطُ إزاءها مشاعرُ المصريين. قبل شهرين على الأول من رمضان، كانت بريطانيا قد أعلنت اعترافها باستقلال مصر مع تحفظاتٍ أربعةٍ معروفة. لم يكن التيارُ الرئيسىُ فى الحركة الوطنية مرتاحًا إلى استقلالٍ غير مكتمل، سواء السياسيون فيها بزعامة سعد زغلول، أو بُناة الاقتصاد بقيادة طلعت حرب. ومع ذلك، فقد أتاح الاستقلالُ غير المكتمل التحول إلى ملكية شبه دستورية. وقبل أيامٍ من حلول رمضان، شُكلت لجنة الثلاثين لكتابة الدستور الذى كان، ومازال، نموذجًا للدساتير الحديثة. ولهذا كانت مشاعرُ المصريين مزيجًا من الفرح بهذا التطور، والقلق لأن كل ما جاء به كان ناقصًا سواء الاستقلال الذى لم يُغير وضع قوات الاحتلال على الأرض، أو الدستور الذى حصل فيه الملكُ على صلاحياتٍِ مكَّنته من التدخل فى الحياة السياسية، وإعاقة تطورها باتجاه ديمقراطيةٍ كاملة. وهذا فضلاً عن بقاء سعد زغلول ورفاقه فى المنفى، إذ لم يُطلق سراحهم إلا قرب قدوم رمضان فى العام التالى. ورغم أن أغلبية المصريين لم يكونوا معنيين بالأوضاع العربية بسبب الانشغال بهمومهم الوطنية والاجتماعية حينذاك، أثار قرارُ عُصبة الأمم فرض الانتداب البريطانى على فلسطين غضب قلةٍ قليلةً كانت مدركةً خطر التغلغل الصهيونى، خاصة أن القرار الأممى أضفى مشروعيةً دوليةً على وعد بلفور. لكن أثر ذلك التطور فى أوساط المصريين كان ضئيلاً، إذ لم يكن الوعىُ بحقيقة الحركة الصهيونية وأطماعها قد تنامى بعد، بل خُدع غير قليل منهم، وبينهم مثقفون كبار، فى هذه الحركة لاعتمادها على استدرار العطف والشفقة سبيلاً للتمكين والتمكن من فلسطين التى كانت نسبةُ اليهود فيها أقل من 10% فى ذلك الوقت. ورغم تفشى الأمراض فى مصر كما فى معظم العالم، ليس معروفًا هل تابع المصريون الاختراق الطبى الذى تحقق حين بدأت التجاربُ السريريةُ على عقار الأنسولين قبل شهر تقريبًا على حلول رمضان 1340، بعد أن نجحت فى العام السابق الجهودُ التى بُذلت للتوصل إليه.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: