رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
قوةُ العقل والاتزان

عندما تحافظُ على توازنك وهدوئك ومنهجك فى ظروفٍ بالغة الصعوبة، وتبدو كمن يسيرُ على حبلٍ مشدودٍ بثبات، فهذا مؤشرُ إلى قوةٍ لابد أن تُغبط عليها. إنها قوة العقل والاتزان والثقة فى النفس، بما توفرُه من قدراتٍ غير عادية. هذا ما يُستفادُ من تأمل ما قاله وزير خارجية الصين وانج يى فى مؤتمر صحفى عقده قبل أيام, وحرصتُ على مشاهدته كاملاً تقريبًا.

تضمن حديثُه المفصلُ عن سياسة الصين الخارجية ما يمكنُ أن نعتبرها إجاباتٍ عن أسئلةٍ طُرحت، ولا تزال، بشأن موقف الصين تجاهها، وكيفية فهم عدم اصطفافها مع روسيا رغم الروابط الطيبة والقوية معها، والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة.

كان من الطبيعى أن يُطمئن روسيا إلى أن العلاقة القوية معها مستمرة، بل وصفها بأنها الأكثر أهمية. وهذا صحيحُ عند الحديث عن العلاقات الثنائية تحديدًا. لكن الصين ليست قوةً إقليميةً فقط، بل قوة دولية تزدادُ مكانتُها كل يومٍ فى النظام العالمى، ولهذا حرص بالدرجة نفسها وربما أكثر على تأكيد أن بلاده تحافظُ على النظام الدولى الراهن، مع السعى فى الوقت نفسه لتدعيم قيم التنمية المستدامة والتعاون والسلام فيه، ولتعزيز الثقة وحل النزاعات بالحوار.

وكيف لا، والصين هى المستفيدُ الأولُ من هذا النظام الراهن، الذى صارت أكبر قوةٍ تجاريةٍ فيه، والمصدر الأكثر أهمية للإقراض المالى للدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة وغيرها، فضلاً عن تحولها إلى مركزٍ عالمىٍ للابتكار، ونجاحها فى بناء اقتصادٍ جبارٍ تعتمدُ على قوته المتزايدة فى صعودها السريع الذى لم يعد ممكنًا وقفه، إذا واصلت المضى فى طريقها وفق منهجها الراهن, واستطاعت المحافظة على عقلها السياسى فى عالمٍ تزدادُ الرعونةُ فى إدارة الصرعات بين قواه الكبرى، ولا يقلُ أهميةً بأى حالٍ أن تحافظ على الاتزان الذى يميزُ سياستها الخارجية، ويمكنُها من التوازن الذى تُجيدُه فى التعامل مع هذه الصراعات، إلى جانب تسريع إصلاحاتٍ بدأتها فى نسقها السياسى الاجتماعى، لتكتملَ معالمَ نموذجٍ يمكنُ أن يكون مؤثرًا وجذابًا. وهكذا تؤكدُ الصين أن قوة العقل والاتزان، وقوة الاقتصاد والابتكار، هى الأهمُ فى هذا العصر.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: