رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمات
مثقفون.. ولكن!

لم أر كالإسلام دينا حفظ أصله، وخلط فيه أهله. ولا مثله سلطانا تفرق عنه جنده، وخفر عهده، وكفر وعيده ووعده، وخفى على الغافلين قصده، وإن وضح للناظرين رشده. أكل الدهر أهله الأولين، وأدال خشارة من الآخرين، لا هم فهموه فأقاموه، ولا هم تركوه فرحموه، سواسية من الناس، اتصلوا به، ووصلوا نسبهم بنسبه، وقالوا نحن أهله وعشيرته، وحماته وعصبته، وما هم منه فى شىء، إلا كما يكون الجهل من العلم والطيش من الحلم، وأفن الرأى من صحة الحكم.. هذا ما قاله إمام التنوير محمد عبده.

أما حلبة الصراع القائمة الآن بين دعاة الدين ودعاة التنوير والتثقيف أصبحت عبثية للغاية، نجد البعض يهل علينا بغية التشكيك فى الثوابت الدينية وزعزعة اليقين، والبعض الآخر يصفهم بالتخلف والجمود وقد تصل الاتهامات الى حد التكفير والعياذ بالله.

ولكن الحقيقة الثابتة أن الجدلية المنطقية هى السمة الصحية للعقل البشرى الذى فضلنا به الخالق عن سائر المخلوقات، وقد برهنت نظريات العلم الحديث والبحث العلمى على البطلان واحتمالية الخطأ فلا توجد مسلمات بديهية مطلقة وبالتالى أصبحت النظريات قابلة للتشكيك والبطلان.. ولكن كتاب الله لم ولن يصبح قابلا للنقد.. وما قاله سيادة الإعلامى إبراهيم عيسى مؤخرا لا يندرج تحت التنوير والتحرر الفكرى ولكنه الاقرب للتشويش والزعزعة ففى القرآن الكريم سورة مستقلة بذاتها اسمها الإسراء ترتيبها رقم 17 وعدد آياتها 111 آية تقص علينا رحلة الاسراء والمعراج. ثم يأتى هذا الاعلامى فيقول من خلف الشاشات وبأريحية تامة انها قصة وهمية! فى حالة أشبه ما يكون لما فعله اسلام البحيرى من ثرثرة عبثية ليست قائمة على أسس سليمة تفضى فى النهاية الى إثارة الرأى العام الغيور على دينه أو خلق أرضية خصبة للصراعات الفكرية والعقائدية.

وقد وقعت حادثة مشابهة أيام حكومة النقراشى باشا إلا أن توفيق الحكيم كتب: كل ما استطيع أن أفعل هو أن أرجو رئيس هذه الحكومة أن يتكلم وألا يستصغر الأمر.. وأن يعلم أنه ليس هو الذى يخيف الانجليز بصوته فى مجلس الأمن وبصمته فى مجلس الوزراء، ولكن الذى يخيف الانجليز هو هذه النهضة الفكرية التى اعتقدوا أنها تضيء الجامعة، وهذه النهضة الروحية التى اعتقدوا أنها سرت فى الشرق من مصباح الاستاذ الإمام محمد عبده.. التقدم الفكرى والروحى فى مصر هو وحدة مفتاح القضية المصرية.. واذا جلت جيوش الاحتلال عن ارضنا فلأنها لا تستطيع البقاء طويلا امام أشعة من الفكر والعرفان تعمى ابصارها.. فالأمر خطير يا رئيس الحكومة الى حد اطالبك معه بواحد من أمرين:اما ان تدرأ فى الحال هذا الخطر المحيق بهذه المنارة الفكرية، واما أن تستقيل!.. وقد فزع النقراشى باشا من كلمة الاستقالة واتصل بالاستاذ مصطفى أمين رئيس تحرير اخبار اليوم غاضبا، فرد عليه أنه يحترم حرية الرأى وليس باستطاعته حذف كلمة من مقال الحكيم!.

وقد غرقنا فى غياهب العبث حين تحدث رجال الدين فى السياسة وتكلم الاعلامى فى الفقه وتحول الفنان الى اعلامى – سمك لبن تمر هندي- لكل مقام مقال يا سادة وكفى فزلكة وهراء لركوب صاروخ التريند على حساب عقيدتنا وقيمنا ومبادئنا.


لمزيد من مقالات د. هبة عبدالعزيز

رابط دائم: