رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أسطورة سانجور والدروس المستخلصة

أعادتنى زيارة الرئيس السنغالى ماكى سال لمصر وحديثه المهم لرئيس تحرير الأهرام الأستاذ علاء ثابت إلى ذكريات مع حكيم إفريقيا ليوبولد سيدار سانجور لألاحظ التواصل بين رؤساء السنغال من أجل الإنسان الإفريقى والارتباط الوثيق بمصر والعالم العربى.. ولذلك حافظ ماكى سال مثلما كان يشدد سانجور ومن بعده الرئيس عبدو ضيوف على القاسم المشترك فى قيم إفريقيا والعالم العربى إلى جانب تميز العلاقات بين مصر والسنغال، ولقد حالفنى الحظ عبر مشوارى الصحفى أن أجرى عدة أحاديث مع سانجور ولقد أهدانى معظم مؤلفاته.

سانجور كان صاحب رؤية.. فهو أول رئيس للسنغال، تنازل بمحض إرادته عن الرئاسة، وهو أهم المفكرين الأفارقة فى القرن العشرين.. ولد فى 9 أكتوبر 1906 وتوفى فى 20 ديسمبر 2001.. تلقى تعليمه بالسوربون، انضم للمقاومة الفرنسية واعتقل لمدة سنتين بمعسكر نازى.. هو الذى طالب ديجول بالاستقلال وأصبح أول رئيس بالانتخاب، هو أول إفريقى انضم للأكاديمية الفرنسية العريقة عام 1948، آمن بالزنوجة والفرانكوفونية والحضارة العالمية، كان سياسيا محترفا وأثبت أنه زعيم عظيم. فى لقاء معه وكان آنذاك رئيس رابطة الإشتراكية الدولية وبلغ من العمر 80 عاماً حرص على إهدائى كتبا تخدم معنى الحرية «الزنوجة والإنسانية» و«الاشتراكية والتخطيط» و «الأمة وطريق إفريقيا نحو الاشتراكية» أكد لى أن مصر هى همزة الوصل بين العرب والأفارقة، وعندما نشب خلاف بين العرب ومصر في السبعينيات صرح بأنه إذا استمر هذا الخلاف فإن العالم العربى سوف يخسر الكثير وشرح لى أن فصائل الدم هى التى تحدد أصل الإنسان، مشيرا إلى أنه برغم الاختلاف بين الأفارقة والعرب فهناك وحدة عميقة تجمعهم لأن مجموعة فصيلة الدم «و» هى المسيطرة على أغلبية إفريقيا والشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الرجل الأول ظهر فى إفريقيا، وأن اليونان حملت شعلة الحضارة قبل الميلاد وميزت الإدراك «الإستدلالى»، بينما إفريقيا ومصر إهتمتا «بالإدراك الحسى» وفى عام 1889 قام هنرى بيرجسين بتمييز الإدراك الحسى وقال الشاعر الفرنسى «ريمبو» فى ديوانه موسم فى جهنم «إننى زنجى وأنتم زنوج مزيفون وعرض مذهبا جديدا يعتمد على إضطراب كل الحواس. ويستطرد سانجور أن التأثير العربى قد نقل إلى إفريقيا الموسيقى الغنائية المتعددة الأطراف.. لافتا إلى أن فى السنغال قبيلة «pull» قد غادرت ضفاف النيل فى القرن الحادى عشر قبل الميلاد وأفرادها يشبهون المصريين، كما أن اللغة السنغالية تشبه لغات جنوب السودان واللغة المصرية القديمة.

إن أفكار سانجور مازالت مؤثرة حتى اليوم فقد كان يندد دائما بالتفرقة العنصرية وعداء اليمين المتطرف فى فرنسا للعرب والأفارقة.. حكى لى أنه فى 1945 قرر ديجول إعطاء حق المواطنة للعرب والأفارقة وعندما قال له مسئول بوزارة فرنسا عبر البحار: «إنهم سوف يلوثون الدماء الفرنسية»، فأجابه:«المستقبل للتهجين».. كان يشيد دائما بالرئيس السادات ويصفه بأنه صاحب رؤية سياسية. كان يصف الحضارة الإغريقية بأنها أكبر حضارات أوروبا لأن اليونان قامت بعملية تهجين بين أوروبا وإفريقيا وأخذت الكثير من المصريين.. فى حديث آخر وكان تجاوز السادسة والثمانين عام 1991 قال لى إنه أدخل تدريس اللغة العربية فى السنغال أثناء رئاسته إيمانا بالوحدة الافريقية العربية كما أنه تعلم حب مصر فى فرنسا.. كان مؤمناً بالحوار بين الأديان حتى إن إحدى قصائده تبدأ بكلمات بسم الله، كما تأثر بالشعر العربى القديم وبعنترة ابن شداد.. وكان قد صرح لى الرئيس عبدو ضيوف بأن سانجور له الفضل فى انضمام السنغال لمنظمة المؤتمر الإسلامى وإنه كان كاثوليكى الأب ووالدته مسلمة.. ولذلك كرس الرئيس ضيوف عام 2006 عاما لسانجور وشارك فى تكريم ذكرى «الرئيس الشاعر» بجامعة سانجور بالإسكندرية..لاشك أن رسالة سانجور سوف تنعكس على أداء الاتحاد الإفريقى بقيادة ماكى سال والمساعدة التى تعولها السنغال على تجربة مصر الطويلة فى هذا المحفل المهم، خاصة أن السنغال مؤمنة بحوار الحضارات والأديان على أساس التسامح والإنفتاح ذلك الحوار العبقرى والإنسانى الذى علمه سانجور لشعبه وخلفائه كأهم وسيلة للتوصل إلى حل المشكلات افريقيا ودوليا، إلى جانب التعددية الثقافية التى نادى بها الرئيس ضيوف والمنظور الاقتصادى الذى يتمتع به رئيس السنغال الحالى ماكى سال.


لمزيد من مقالات عائشة عبدالغفار

رابط دائم: