رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى حب سامى متولى

انفرط العقد الذهبى الخالص الذى جمع أبناء أسرة الأهرام، ولم تبق فى حباته سوى قلة قادها قدرها لتعيش مأساة فقد الزملاء وتشهد النهاية الحزينة لجيل أعطى هذه المهنة حياته بكل إخلاص وحب . الأهرام فقد نموذجا من أبطال وشهداء الصحافة عاش نجاحها وتألقها، وشارك بأمانة وإقتدار مهنى وإنسانى فى إعادة بناء الأهرام منذ التحاقه بالصحيفة عام 1958 بعد تخرجه بأيام ضمن الدفعة الأولى من أبناء قسم الصحافة بجامعة القاهرة. عاش أيضا عثراتها وإخفاقاتها وإنحدارها السريع . نموذج نادر من الصحفيين لايتكرر فى هذا العصر، ولم ألتق بمثيله على مدى أكثر من نصف قرن، أعطى سامى متولى كل حياته للأهرام وللمهنة التى كان يعشقها ولايبخل عليها بعرقه وجهده وماله اذا أمكن، لكن هذا الجيل لم يكن يملك مالا ولم يسعى الى الثراء بقدر سعيه الى نجاح وتفوق الأهرام على منافسيه من الصحف الأخرى .

عمل سامى متولى فى معظم أقسام الأخبار بالأهرام، كانت بدايته فى قسم الحوادث حتى مجلس الشعب ثم رئيسا لقسم الأخبار، فكان المحرر البرلمانى الأول فى الصحافة المصرية. وقد صال وجال فى المجلس وانفرد الأهرام بكل أخبار البرلمان المهمة . كان موضع إحترام وتقدير كبار مصادره من رئيس المجلس أنور السادات ثم سيد مرعى وبعده رفعت المحجوب، وسافر ليغطى أحداث ثورة ليبيا وأرسل أخبارا نشرت مانشيتات فى الصفحة الأولى حصل بعد عودته على مكافأة كبيرة جدا وغير معتادة من الأستاذ وقدرها خمسمائة جنيه.

كان ضمن خمسة وعشرين صحفيا شابا ممن إلتحقوا بالأهرام خلال عامى 57 و1958 كلهم من خريجى الصحافة باستثناء مكرم محمد أحمد خريج الفلسفة وفؤاد سعد خريج الحقوق وإحسان بكر خريج قسم التاريخ وسامى منصور خريج العلوم السياسية وفهمى هويدى خريج الحقوق. إنتشروا جميعا فى قسم الأخبارتحت قيادة الأستاذ ممدوح طه الذى كان يحمل قدرا كبيرا من التقدير لسامى متولى فهوأخلاقيا وصحفيا بلا منافس! وهو لم يتول عملا الا أجاده .

كان صحفيا رفيع المستوى عايشت إنتصاراته الصحفية ومأساته الانسانية أيضا عندما فقد إبنه ضابط الشرطة الشاب فى منتصف التسعينات من القرن الماضى بعد أسابيع من تخرجه فى كلية الشرطة . ومن يومها لم يعد سامى متولى الصحفى والأب الحنون لأبنائه وأسرته كما كان. الدموع لم تفارقه طوال 24 ساعة وحتى وفاته، كان حزينا باستمرار ، لم يكن يبكى لكن الدموع لم تفارقه لا فى الفرح ولافى الحزن وكانت تغطى وجه الطفل الجميل البرىء الذى يوحى لمن ينظر اليه بالسماحة والأمان. كان متدينا بوسطية مثل غالبية المصريين بعد وفاة نجله محمود كان يسافر كل عام لأداء الحج ثم العمرة على روح الفقيد حتى مرضه الأخير.

لأنه كان موضع ثقة كل من عرفوه أصدر إبراهيم نافع قرارا بترقية سامى متولى الى مديرالتحرير ولم يكن يشغل هذه الدرجة الرفيعة سوى سلامة أحمد سلامة فقط ، وأوكل اليه مسئولية الاشراف على شئون كتابات الصحفيين ومنحه صلاحيات التصرف فى كل مايتعلق بالمحررين باستثناء السفريات فى مهمات خارج مصر .كان إبراهيم نافع ذكيا فى هذا الاختيار، أولا لم يكن هناك من ينافس سامى متولى فى الأمانة والكفاءة المهنية والخبرة التى اقتربت من أربعين عاما، وثانيا أسند نافع اليه كل هذه المسئوليات ليتخفف منها ومن مشاغلها وصداعها، وليتفرغ لطموحاته فى نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب وسفرياته ورحلاته المنتظمة فى الخارج .

كان سامى متولى فى منتهى الانضباط والأمانة، كان يحضر الى الصحيفة فى السابعة صباحا منذ التحق بالأهرام وعمره 21 وحتى آخر يوم له فى الأهرام فى عام 2015 تقريبا. لم ينحن لأحد ولا لأى مصدر مهما كان حجمه أو ثقله السياسى. كنت أجلس فى مكتبه عندما تخرج إبنه محمد سامى متولى من كلية الهندسة وتقدم للعمل بإحدى شركات البترول وكان يرأسها واحد من القريبين من مبارك وأحد مصادر سامى متولى وطلب الابن من والده أن يتوسط لدى رئيس الشركة لتعيينه، ولأول مرة أرى زميلى وصديقى الراحل يفقد أعصابه ويتحدث الى إبنه بشدة، ويقول له لم أعهدك تطلب مساعدة من أحد ، مجهودك فقط وكفاءتك هما المسوغ الوحيد لتعيينك وهما الوساطة التى يجب أنت تعتمد عليها. ولم يعين الابن فى الشركة رغم أنه كان من أوائل دفعته. الابن الثانى تخرج فى كلية السياحة، وقلت لسامى متولى إن فنادق كثيرة نعرف من يتولون إدارتها واعتقد أنهم يرحبون بتعيين الابن العزيز، وكان رده: لاأسمح لابنى أن يعمل فى مكان يقدم الخمر حتى لو بقى عاطلا عشر سنوات!.

أكتب من الذاكرة وأنا فى دبى يعتصرنى الألم والحزن على واحد من أعز الأصدقاء والزملاء الذين فقدتهم, لكن الذاكرة عندما ترتبط بزميل مثل سامى متولى تحتفظ باستمرار بأحداث رحلتنا الطويلة، وكأن تلك الأحداث وقعت أمس. ترك سامى متولى الأهرام وتقاعد ومنذ خمس سنوات أصدر كتابا يتضمن مسيرته ورحلته الطويلة فى الأهرام بعنوان: فى حب الأهرام ، كتبت عرضا له فى ملحق الجمعة بعنوان: فى حب سامى متولى. رحم الله سامى متولى بقدر عطائه وصفاء قلبه وإخلاصه للأهرام ولكل العاملين فيه .


لمزيد من مقالات مصطفى سامى

رابط دائم: