بمقطع فيديو على صفحته الرسمية بالفيس بوك أعلن وزير التربية والتعليم منذ أيام إلغاء استخدام التابلت فى امتحانات المرحلة الثانوية وتحديدا التوقف عنها بالصف الاول والثانى والعودة مرة أخرى الى الامتحانات الورقية والاسئلة المقالية؟.
فى نفس التوقيت كانت جارتى وهى أستاذة جامعية بأعرق كليات الطب المصرية تطرق بابى بإلحاح وهى تحمل القرار، بجانب مايتداوله الاهالى فى جروبات أولياء الأمور بخصوص القرار المفاجيء تماما فى توقيته، فقد صدر قبل ايام فقط من عقد امتحانات نصف العام والمخالف لكل التوقعات بما فيها قرار قبله بايام بعقد الامتحانات على التابلت، وعنصر المفاجأة به أنه خارج فكر الوزير المعتمد على التكنولوجيا كأداة تعليمية وتسألنى ما العمل أو ماذا بعد؟. المفارقة كما قالت جارتى اننا نعود كما كانت الاوضاع قبل ٤سنوات ،حيث كانت الدراسة تسير بهدوء واستقرار خاصة أنه لم يشك احد من نظام الامتحانات الورقية وقبل التابلت.
بل كانت الشكاوى من المناهج والحشو الزائد بها، وكثرة عدد المواد الدراسية والتى تجاوزت ١٠مواد اساسية فى الترم الواحد بالصف الاول الثانوى، فهذه القضايا لم يمسها التطوير فكثرة المواد الدراسية وطولها لاتتناسب إطلاقا مع عام دراسى مدته مايقرب من ١٠٠يوم كما قال الوزير بنفسه مؤخرا!. ونحن فى الجلسة بين الجيران والتى طالت حتى أقمنا صلاة العشاء جمًاعة ففوجئنا بظهور الوزير أمامنا مرة ثانية بالصوت والصورة معلقا وشارحا لأفضال التراجع عن استخدام التابلت فى الامتحانات!، وان التعديل الاخير هدفه تطوير الاسئلة؟ وانه لن يفرق وضع علامة بالقلم فى الورقة أم الضغط على زر بالتابلت، فالامر واحد علميا وان الامتحان الورقى سيعود لتضعه المدرسة، أى لن يصبح امتحانا قوميا والذى تم كان لزوم التابلت واستخدامه؟!. لم اندهش من قرار إلغاء امتحانات بالتابلت، وانما الاندهاش كان فى توقيت الإلغاء، وقبيل ايام من الامتحانات ومن نفس الوزير الذى أصر على استخدامه بالامتحانات وإلغاء طبع الكتب وتسبب ذلك فى خسارة مالية ضخمة بالمؤسسات والمطابع من ذلك القرار. بينما وطبقا لما قيل فى المجالس النيابية فان تكلفة استخدام وتطبيقات التابلت اقتربت من عشرة مليارات من الجنيهات؟. هنا تذكرت عشرات المقالات والآراء المتخصصة والتربوية التى كتبت عن مخاطر اعتبار التابلت وهو وسيلة مساعدة للجميع وليس للطلاب فقط، وتحذر من خطورة تحويله الى غاية تعليمية ووحيدة وليس وسيلة وكان آخرها المناقشات التى تمت مع الوزير تحت قبة مجلس الشيوخ العام الماضى حينما رفض المجلس مشروع تطويره المنفرد للثانوية العامة وامتد النقاش الطويل حول سلبيات امتحانات التابلت فى الثانوى والتى أصر عليها الوزير وقتها وانها واسئلتها الصح والخطأ قمة التطوير التعليمى التكنولوجى العالمى ؟! وايضا حدث ذلك منذ أيام قليلة حينما ذهب الوزير لكلية التربية جامعة عين شمس لحضور لجنة قطاع الدراسات التربوية بالمجلس الاعلى للجامعات وهى لجنة مختصة بترقيات الاساتذة؟! فألقى محاضرة عن التطوير ومنها التابلت واستأذن بعدها فورا دون حوار واسئلة وغادر القاعة وطلب منهم إعداد أبحاث؟!.
استمر الحوار الساخن بيننا وتحول الى ندوة فبدد من الأجواء الباردة حولنا فعاد البعض بذاكرته الى منتصف الثمانينيات حينما ألغى د. فتحى سرور الصف السادس الابتدائي، وبعد سنوات عاد ليوافق عليها عندما أصبح رئيسا لمجلس الشعب؟ ، وامتد السجال الى حقبة التسعينيات ولتذكر تطبيق نظام الشهادة الانجليزية بالثانوية ومميزاتها للجميع سواء فقراء أو وأغنياء خاصة فى السماح بتعدد مرات دخول الامتحان ثم لأسباب وصراعات سياسية ألغى د. الجنزورى قرار ثانوية التحسين عندما جاء رئيسا للوزراء بينما تركه فقط للمدارس الدولية؟ ،، ثم جاء الإخوان المسلمون ولاسباب سياسية أيضا كى يفوزوا بالانتخابات وبحكم مصر ألغوا الامتحان على عامين، وعدنا الى امتحان الثانوية على عام واحد!.
ثم أخيرا كان قرار دخول التابلت للمرحلة الثانوية وامتحانات الصح والخطأ أو البابل شيت والاختيار ايضا من متعدد وهو نظام تلقينى ولكن بشكل متطور وكله من اجل عيون التابلت والتصحيح الإلكترونى الذى به تم إلغاء مادة التعبيروالكتابة.
التجارب الاخيرة وكما أكد بعض اساتذة الجامعة واعترف ايضا وصرح به اوائل الثانوية انفسهم فى حوار معهم انه قد أثر عليهم لغويا، فالثقافة التعليمية أصبحت سمعية فقط، واحيانا تلقينية اعتمدت على التنقل الكثيف والتردد بين عشرات الفيديوهات التعليمية فخلقت جيلا طلابيا يتجاوز عددهم ٢مليون طالب يتعثرون فى الكتابة بلغتهم القومية بل الأجنبية ايضا، مع الاخذ فى الاعتبار ان البابل شيت يتم تطبيقه بالجامعات ايضا، اذن نحن امام دفعات دراسية كاملة لم تتدرب على الإمساك بالقلم باستمرار منذ المرحلة الإعدادية. وخطورة تأثير ذلك وكما تقول لغة الارقام ان اكثر من ٦٠٪ من طلاب الثانوية يلتحقون بالكليات النظرية التى تتطلب حسن التعبير والكتابة وليس المعرفة الشفهية الفيديوهية؟!.
لاسيما ان هذا الجيل هو من سيلتحق بسوق العمل والفكر والابتكار بل والتدريس لأجيال تالية بعد سنوات بالتأكيد لم يكن ذلك ذنب اختراع التكنولوجيا او ذنب المستقبل ووظائفه التى سيلتحق بها هؤلاء الطلاب فهم مفعول به وضحايا لحالة تجريب مستمر، لم يتم الاستماع فيها لآراء خبراء ومتخصصين واعتقد ان اى دراسة جادة على هذه الاجيال حتى عن سوق العمل رغم عدم صحة ربط التعليم بسوق العمل واحتياجاتها لان سوق العمل متغيرة ويحكمها اعتبارات كثيرة بينما التعليم حق وحسن التأهيل به هو الشرط الرئيسى لمواكبة التغيرات السريعة فى المعرفة والعلم، أو سوق العمل ستقول الكثير. وحسنا ان صدرت القرارات بالتراجع عن امتحانات التابلت، والحل الذى أثبته الواقع واكثر من اى وقت مضى، أن مصر المستقبل تحتاج ولابديل عن مجلس قومى للتعليم يتكون من مفكرين ومثقفين وعلماء يخططون للمستقبل على ان يكون وزراء التعليم جهات تنفيذية فقط لمخططات المجلس القومى وهو ليس بدعة وإنما تطبقه كثير من دول العالم.
لمزيد من مقالات إيمان رسلان رابط دائم: