الكمال لله وحده، ومن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر..تطل علينا هذه الأيام ذكرى ميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الرجل الذى أحبته الملايين كما لم تحب أحداً قبله..استضافنى يوما الصديق عماد الدين أديب فى أحد برامجه الناجحة على قناة أوربت، وكان سؤاله عن الزعيم جمال عبدالناصر وقلت: كان أكبر قصة حب فى حياة جيلنا، لأننا لم نحب أحداً غيره، ولكنه كان حبا من طرف واحد لأنه كان بخيلا علينا فهو الحاكم العربى الوحيد الذى كان قادرا على الحصول على إجماع الشعوب العربية لو أنه أجرى انتخابات حرة..كانت مشكلة جيلنا مع عبدالناصر أنه بخل علينا بحق من أهم الحقوق وهو الديمقراطية رغم أنه لم يكن فى حاجة لأن يكون مستبدا.. كانت صدفة غريبة أن الأستاذ هيكل سمع ما قلت والتقينا بعدها ودار بيننا حوار طويل لم نختلف فيه كثيرا وهو أن عبدالناصر بحكم شعبيته كان قادرا على أن يقدم لمصر تجربة ديمقراطية فريدة..ولا شك أن إنجازات الرجل كانت تعطيه الحق فى أن يقيم حزبا سياسيا مصريا عربيا لا ينازعه فيه أحد.. كانت وراء عبدالناصر سلسلة من الإنجازات ابتداء بالسد العالى ومجانية التعليم وقناة السويس والعدالة الاجتماعية وإنصاف الفقراء..كل هذه الأشياء كان ينقصها إنسان حر فى رأيه ومواقفه وقناعاته وصوت ضميره..إن الملايين الذين أحبوا جمال عبدالناصر وما زالوا يستعيدون الآن ذكراه كقصة حب لم تكتمل..وكان هو الإنسان الوحيد القادر على أن يكملها لو أنه فتح أمامنا أبواب الحرية وكنا أحق الشعوب بها واقعا وتاريخا وأحلاما..بعد سنوات من رحيله مازال الخلاف حول تجربته فى حكم مصر وبين الكثير من المواقف والإنجازات يطل هذا السؤال: لماذا غابت الحرية؟ أو كما قال له يوما كاتبنا الكبير الراحل خالد محمد خالد: دع الزهور تتفتح.. ليته فعلها لكان لنا شأن آخر..سوف تبقى قضية الحرية ضرورة من ضرورات الإنسان فى كل زمان ومكان حتى لو تعددت أحلامه ومطالبه..كان جمال عبدالناصر بما لديه من الإشعاع والجاذبية قادرا على أن يقدم نموذجا لشعوب العالم فى الحرية والأحزاب كما فعل نهرو فى الهند، وكما شهدت مصر فى عصور سبقت مع أحزابها الوليدة ودستورها منذ عشرات السنين..
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: