رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

السكان والسياسات السكانية

موضوع السكان يقلق كل دول العالم بدرجات مختلفة، المتقدمة والنامية، فلكل دولة مخططات سياسية نابعة عن الوضع السكانى السييء سواء زيادة نمو دون توازن مع مواردها ونظم اقتصادها، أو بتناقص النمو السكانى مما يؤدى للاحتياج الى فائض سكانى قليل التأهيل المهنى من دول افقر لكنه يسد النقص فى الأيدى العاملة إما بتعاقد عمل لزمن محدود وإما منح القادمين الجنسية بطرق قانونية. السكان فى دول الزيادة السكانية لا يكفون عن ممارسة قديمة هى كثرة المواليد برغم تقدمها فى المعارف الطبية والعلاجية لكن تزيد مشكلاتها مع عدم تحديث الاقتصاد لقلة الرساميل الاستثمارية.

يمكن أن نلخص هذه الدراما السكانية العالمية فى أسرتين احداهما فى مجتمع تقليدى يتطلب من الزوجة كثرة الإنجاب مقابل أسرة فى مجتمع حديث تهرب فيه الزوجة من الإنجاب إلا فيما ندر.

الوعى السكانى صعب اشاعته بين غالبية الناس شأنه شأن التغيير البطىء فى اغلب المعتقدات الاجتماعية التى كانت سائدة مع الاقتصادات الأولية كالرعى والزراعة حيث التعليم الأساسى هو المهارة فى الانتاج واستمرار الأمية الكتابية وغياب منظور الحداثة الشاملة. غالبا تحدث التغيرات النوعية أو الكمية فى الشئون الاقتصادية بنقل تقنيات انتاجية عن مجتمعات اخرى أو باكتشاف مصادر ثروة بيئية لم تكن معروفة وتؤدى كلتاهما الى فورات كالإعصار فى كل شىء مثلا الانتقال الى أنظمة المال البنكية والانتقال السياسى من رئاسات تقليدية الى نظم حكم جديدة لكنها لفترة تستلهم اشكال التسيد القديمة فوق التراكيب الجديدة. كم من الزمن يستغرق المجتمع فى التغيير الى ان يصبح ذلك ممارسة حياتية لا تستوجب التفكير؟ لكل مجتمع زمن يتحلل فيه من القيم القديمة ليتقبل الحداثة. وحتى مع استكمال التحديث تظل جيوب من ممارسات قديمة كأنها جزء من ديدن الناس لا يمسونها. الأخطر هو استمرار قوة العدد بكثرة التوالد والتناسل وليس بالتعليم والتوافق مع الجديد. الخلاصة أن كل شيئ يتغير مع الزمن ولكن تظل على السطح بقايا افكار سالفة تسيطر على الناس مثل الزواج المبكر وختان البنات وعزوة عدد الأبناء وعدم المساوة بين الجنسين الخ.

نعود بعد هذه الاطلالة الشاملة الى موضوع السكان الذى يقلق البال من الرئاسات واجهزة الدولة والمفكرين لأن أشكال التنمية وابتكار فرص عمل للشباب تكون حسب تأهيلهم المهنى.. باختصار تحسين الحياة لكل فئات الشعب من تعليم وثقافة ووعى إلى سكن لائق ومجتمع مناسب لحياة احسن، ومن ثم تكوين مجتمع دولة قوية كأن تصبح مصر من القوى الوازنة فى بلاد العروبة والشرق الأوسط معا. لهذا كثرت دعوات الرئاسة وكتابات المثقفين واصحاب الرؤى حول النمو السكانى غير المنضبط ومشاكل التوازن بين السكان والموارد علما بأن مواردنا الزراعية محدودة وإن صادفنا بعض النجاح فى الاستصلاح فحجمه محدود بحكم وجودنا فى دائرة المناخ الصحراوى. لهذا وطوال تاريخ آلاف السنين فى مصر فإن الاعتماد كان وسيظل اعتمادا بنسبة نحو 85% على مياه النيل المتجددة سنويا. وقد زدنا ذلك احكاما بتوفير مخزن مياه يسعفنا عند الحاجة بضع سنين (بحيرة ناصر).

مواردنا التعدينية محدودة ايضا تعوضها مواردنا من الطاقة الحفرية من البترول والغاز الطبيعى الكبيرة وكذا موارد الطاقة المتجددة من هيدروليكا السدود والقناطر وطاقة الرياح فى كل انحاء مصر وكذا الطاقة الشمسية مثل محطة بنبان بأسوان. فضلا عن الموارد السياحية والمصايف الشمالية. وفوق هذه الموارد الطبيعية موارد البشر فى تصنيع الخامات بارباح مضاعفة بقدراتنا الصناعية خاصة مع إمكانية تحويل اقليم قناة السوبس كهدف استراتيجى اقتصادى قد نشرت ابحاثه ودعوت لإنشائه منذ 1996 الى 2012 (المجالس القومية المتخصصة آنذاك).

رسميا بلغ سكان مصر 104 ملايين فى2021. البعض يدعو لتطبيق قانون يسمح بطفلين فقط للأسرة كى يتمتعوا بكل الخدمات العامة الحكومية. دون هذا تتشكل انفاقات باهظة لبناء مدارس ومراكز صحية تتكفل بها الدولة تبلغ ارقاما فلكية ليست متاحة رغم التطور الحالى فى التنمية الاقتصادية للوفاء بمتطلبات الزيادة المستمرة للسكان خارج نطاق مبدأ طفلين للأسرة! وللحقيقة فإنه لا يوجد توازن بين النمو السكانى والنمو الاقتصادى فهو مختل ويحتاج الى التشدد فى تقليل نسبة النمو السنوى للسكان الى 1% تدريجيا من 2% الحالية!.

لهذا نحتاج من الجهاز المركزى الى اجراء دراسات بعينات كبيرة العدد فى محافظات نمو أكبر من 2% سنويا مثل الشرقية والبحيرة والفيوم والمنيا، فضلا عن نسب عالية من الأمية فى محافظات الصعيد لكنها هبطت من 50% عام 2006 إلى 40% عام 2017 عدا الأقصر 35% واسوان 28%. وكذلك نحتاج دراسات لأحياء القاهرة الكبرى الفقيرة مثل المرج والبساتين ودار السلام وبولاق الدكرور والعمرانية وامبابة. يستحسن أن يتم التعاون بين الجهاز المركزى واقسام علوم الاجتماع والنفس والجغرافيا بكليات الآداب بالجامعات الحكومية وفروع جامعات دولية كالأمريكية والألمانية والروسية .. مناطق الفقر هى التى تعشش فيها كثرة المواليد وارتفاع الوفيات، والزواج المبكر والنسب المرتفعة للطلاق وعدم المساواة بين النوعين.

الرجاء انشاء قواعد بيانات مع تحليلها خاصة لحالات الاختلاف عن المتوسط مع تكرار الدراسات كل 3-5 سنوات لتكوين متوسطات لعدة اعوام يستحسن أن تكون كل عشر سنوات لأنها الأكثر توضيحا لتوجه حركة السكان فى عقد مع مقارنتها بأرقام دراسات أقدم إن وجدت لتأكيد النتائج ومن ثم التخطيط اللازم للتنمية على الأصول العلمية. ذلك أن تحليل أرقام سنة واحدة قد يكون متأثرا بحدث ما كمصدر ثروة أو حرب أو تغيير سياسى مثل 2013.


لمزيد من مقالات د. محمد رياض

رابط دائم: