رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الجهادية المحلية والغرب المخدوع

لا يحتاج المسلمون فى العالم إلى أن يشربوا كل ماء البحر ليتأكدوا من ملوحته، فمن كثرة التجارب باتوا على يقين بأن هيمنة المتطرفين على الحكم فى بلد ما تعنى الدخول فى دوامة الفقر والفشل والصراعات الأهلية، علاوة على لجوئهم إلى العقاب البدنى وحظر الموسيقى والغناء وقتل الموسيقيين والفنانين الكوميديين كما يجرى الآن فى أفغانستان لتعويض فشلهم فى الإدارة والاقتصاد بالتمسح بشرعية دينية زائفة. جرب المسلمون ذلك فى كل البلاد التى صعد فيها هذا التيار الرجعى بمختلف مسمياته للسلطة فى مصر وتونس والسودان وليبيا..الخ وليسوا بحاجة لأحد يقنعهم اليوم بأن هناك اختلافًا من أجل تمرير بدعة جديدة - بعد بدعة الإسلام السياسى - عنوانها الجهادية المحلية، فالنتيجة واحدة وهى محاولة إجبار ملايين البشر على العيش فى ظل حكم سلفى جهادى وحشى مع كل الفظائع التى ينطوى عليه، لأجل تحقيق صفقات ومصالح وهمية لأمريكا ودول الغرب.

الوهم لا يعيشه المسلمون من الشام إلى أفغانستان الذين يقاومون المشروع الجديد البديل وهو الجهادية المحلية كما قاوموا المشروع المُنهَار وهو الإسلام السياسى والإخوان، بل الغرب هو من يتعرض مجددًا لخدعة إستراتيجية كبرى، وهو ما وضح فيما كشفه أحد قياديى القاعدة بشأن التنسيق وتطوير العلاقات بين طالبان وهيئة تحرير الشام فى سوريا، ما يشى بأن الجهاديين وإن زعموا أنهم قانعون بالحكم المحلى ولن يستهدفوا الغرب ينظمون نماذج ومكونات محلية مترابطة، وهو تكتيك يعنى فى أدبياتهم بناء القوة المحلية أولًا للتمهيد لبناء القوة العالمية وفق تصورات الانتقال بين المراحل. نعم الهدف الرئيسى لتلك الجماعات هو الحكم عبر تدمير حكومات العالم الإسلامى وبناء نماذجها الخاصة لكن ما لا يعلمه الغربيون أن المخطط له هو التئام تلك النماذج فى خلافة عالمية، وهو ما يلفت الانتباه لحالة إرهابية أخطر من داعش الذى لا يعرف المراحل والتدرج ويعلن خططه النهائية مباشرة، والمتمثلة فى هيئة تحرير الشام فى سوريا وطالبان وحركة الشباب الصومالية وغيرها، وهؤلاء ليسوا -كما يتوهم بعض الأمريكيين والأوروبيين- أكثر اعتدالًا بل أكثر خبثًا ومكرًا حيث يؤجلون ذلك الإعلان ريثما يكونون فى وضع أفضل فالفرق ليس فى المناهج والأهداف النهائية بل فى التكتيكات والإطار الزمني. الغربيون الذين يعقدون صفقة مع الشيطان متوهمين أن الجهادية المحلية ستعزل عنهم الإرهاب بتوطينه فى بلاد المسلمين, يغفلون العديد من الحقائق؛ الأولي: أن زعيم القاعدة الظواهرى الذى يحرض على الغرب هو نفسه من أشاد بفروع القاعدة المحلية فى إفريقيا وغيرها، بل هو من أرسل أوامر لقائد هيئة تحرير الشام عندما كانت تحمل اسم جبهة النصرة بعدم استخدام سوريا لمهاجمة أمريكا والغرب توطئة لما هو قادم. الثانية: الشواهد تؤكد أن المتطرفين لا يرون تناقضًا بين التمكين المحلى والاستعداد للعالمية, وجماعة الشباب فى الصومال كنموذج حولت نجاحاتها المحلية إلى قدرات دولية واستخدمت ملاذها بالفعل كقاعدة لاستهداف الطيران الدولي. ثالثًا: الوضع اختلف والخطر لم يعد استهداف أمريكا والغرب فى عمقه كما جرى فى سبتمبر 2001م فهذا بات صعبًا الآن، إنما فى تحفيز المتطرفين وتأجيج حماستهم وتجنيد عناصر جديدة وإلهام من يعيشون فى الغرب منهم لارتكاب أعمال إرهابية هناك. يظن الغربيون واهمين أنهم يمنحون الشرعية الثمينة للجهاديين المحليين فقط, بينما غالبية التنظيمات الآن تدرس خطة طالبان وتستعد لتنفيذها وفق الجهادية التدريجية حيث يكمنون لبعض الوقت فى تجارب محلية يطورون قدراتهم، ليس فحسب للتغلب على خصومهم المحليين، إنما استعدادًا لمجابهة من يصفونهم برءوس الكفر، وهم لدى المتطرفين أمريكا ودول الغرب التى تمنح الآن شرعية يصعب سحبها لحالة هى بلا مبالغة كارثة مستقبلية ستحل على الجميع.


لمزيد من مقالات هشام النجار

رابط دائم: