رجعت لكتاب المطالعة أو ما اصطلح على تسميته كتاب القراءة للصف الأول الثانوى عام 1948 قبل أن أظلم منهج الصف الرابع الابتدائى الُمطوَر، وقبل أن يقول قائل ياه هذا قديم جدا والتطوير مطلوب, أقول له هذا كلام جميل ينقصه المنطق، حيث إن التطوير إذا لم يخدم تلاميذنا ويدفعهم إلى الأمام وإلى حب الدراسة بل الوقوع فى غرامها فليس هذا بتطوير لأننا به نقطع مشاوير طويلة إلى الخلف.
قبل عرض ملاحظاتى على منهج الصف الرابع الابتدائى الذى كثر اللغط حول صعوبته والذى أتناول منه مقرر اللغة العربية والتربية الدينية فقط، لى سؤال: هل هناك من يختلف حول مستوى التعليم فى تلك العقود والذى َّخرَج لنا عباقرة مصر التى تباهى بهم الأمم حتى الآن، قوة مصر الناعمة، ثقافة وعلما، أدباءنا وشعراءنا الذين أضاءوا جنبات الأمة العربية وعلموا الأجيال وحفظوا للغة العربية مكانها وهيبتها ووقارها التى تستحقها بين اللغات لكونها أصل اللغات ولغة القرآن ولغة أهل الجنة ولغة العلم لقرون طويلة، أما ما لفت نظرى ما قرأته على غلاف كتاب المطالعة حيث اطمأن قلبى لمجرد قراءة أسماء من قاموا بتأليفه، فهم مجموعة معتبرة من خبراء اللغة العربية سواء المدرسون أو أعضاء مجمع اللغة العربية أو كبار مفتشى اللغة العربية وقد كتبت أسماؤهم ووظائفهم بشكل واضح، بينما نحن نجهل من قام بتأليف منهج اللغة العربية والتربية الدينية للصف الرابع.
هذه ملاحظة أولية، فى نظم شعرى بعنوان رثاء قطة قال الشاعر: «غدر الزمان بقطة ٍكانت تُرى عندى أثيرة ..خَلَسَ الحِمامُ حياتها وابتز من قلبى السرور، كانت تروق الناظرين بحسن أخلاق وصورة.. كانت لنفسى إن فقدت ُ مسامرا أبدا سميرة»، وهكذا بقية الشعر الذى جمع كل المحاسن من جمال التعبير والبساطة واللغة والتشويق ولم يكن وحده بل كل النصوص الشعرية وموضوعات القراءة على هذا النسق لا يمًل قارئها ولا متعلمها هذا لأولى ثانوى، مابالنا فعلنا فى أطفال مازالوا يحبون فى فهم لغتهم، النصوص الشعرية ثقيلة التذوق على أُذُن الكبار والصغار، من هنا كانت الصعوبة، نحن ندرس التعبير أو موضوعات الإنشاء من أجل التنميق وتعليم جمال اللغة لأطفالنا لنرتقى بلغتهم فلا تكون مثل لغة الشارع.
تواصلت مع معلمين من أوساط مختلفة تتنوع بين الحكومى والتجريبى واللغات والدولى وكانت كلمتهم لى موحدة أنه منهج لايصلح لتلاميذ للأسف مازال أغلبهم لايعرف كيف يكتب اسمه، هذه حقائق يجب الاعتراف بها ومواجهتها قبل أى تطوير.
لا ألوم وزير التربية والتعليم لأنه غير متخصص فى اللغة العربية أو الدين ولكن أسأله من يختار, من يصيغ، من يراجع ثم من يقرر؟
المحير فى الأمر والمثير للدهشة والعجب أن يتم وضع منهج بهذه الصعوبة ثم لايلزمون التلاميذ بالتعبير بالفصحى بل لهم أن يعبروا بالعامية بالرسم بالغناء! نحن نريد حل هذا اللغز وإلا ستضيع لغتنا بين تلميذ كاره لها وهو محق وتلميذ عاجز لا يستطيع التعبير بالفصحى وثالث لايستطيع التعبير أصلا إلا بالغناء أو الرسم، أيضا تم إلغاء كراسة الإملاء وتم وضع بضعة أسطر فى الكتاب للإملاء التى أصبحت عشوائية بلا قواعد، هنا أستدعى ما قاله جحا لامرأته وقد جاءها برطل من اللحم لأى شىء يصلح هذا؟ قالت يصلح لكل شىء قال لها إذن اطبخى عليه كل شىء.
إن المهارات اللغوية تنتمى لأربع مهارات أساسية هى السمع والكلام والقراءة والكتابة وهى تكتمل لدينا بسبب تغذيتها بصورة دائمة ومتصلة ومتدرجة، وفى الحديث عن التدرج سؤال لخبراء المحتوى التعليمى الذين وضعوا منهج الدين لرابعة ابتدائى هل يجوز أن أعلم ابن التاسعة معنى «الاستجمار» وكيف يكون؟ كيف أقول له إن «الاستجمار» إحدى طرق الطهارة من البول والغائط ولا أذكر له أن ذلك فى حال تعذر وجود المياه! ثم ماذا سيحدث لو أن هذا الطفل أراد دخول الحمام والتقط قطعة من الحجر ليتطهر بها فجرح نفسه.
إن المقام لا يتسع لأكثر من هذا ولسنا ضد التطوير فهو سنة الحياة ولكن ليلتفت المطورون للخبراء قبل أن تصبح الأجيال القادمة بلا لسان إن كان لهم ألف صوت.
لمزيد من مقالات سهيلة نظمى رابط دائم: