رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الصين القادمة.. وإستراتيجية الغد

تشير مؤشرات لا حصر لها، إلى أن الصين، أضحت دولة عظمى فى النظام الدولى، ومن ثم فهى داخل مثلث التنافس الدولى الذى قد يصل إلى حد الصراع على قيادة هذا النظام، والقيام بدور فعال فيه، وإن كانت تمارس ذلك عمليًا بالتنسيق مع دولة روسيا العظمى أيضًا، وكأنهما فى خندق واحد فى مواجهة أمريكا، القطب المنافس وزعيمة الغرب بصفة عامة. أى أننا أصبحنا فى حالة نظام دولى يتسم بالتعددية المرنة، أو بلغة أستاذ العلاقات الدولية وتقسيماته (بريتشر) يمكن أن يطلق عليه الثنائية المرنة التى تسمح بدخول دول كبرى منافسة فى النظام الدولى وان كان تحت جناح دولة عظمى، فيصبح تكتلا واحدا برؤوس متعددة. ومن ثم يمكن القول أن هناك تكتل الشرق بقيادة روسيا العظمى والصين أيضًا وفى إطار تنسيق يتسم بالاكتمال والشمول فى كل المجالات. وتدليلاً على ذلك فإن من يتابع التصويت داخل مجلس الأمن فى القضايا المختلفة المعروضة عليه، يلاحظ توافق دولتى روسيا والصين بشكل يكاد يكون واحدًا وتمامًا، وذلك كمؤشر على أن دولتين عظميين فى مربع واحد على قمة النظام الدولي. وفى الجانب الآخر، تقف الولايات المتحدة، كدولة عظمى تقود المعسكر الغربى، والدول الكبرى فى أوروبا على وجه الخصوص، تدور فى فلكها وبتبعية مطلقة!! ولذلك يأتى تصويت الدولتين الكبريين فى مجلس الأمن وهما بريطانيا وفرنسا، تابعًا تبعية مطلقة لأمريكا، ويندر أن تخرج إحداهما عن ذلك.

ولاشك أن هذا الحديث بمناسبة التصريح الرسمى الصادر عن الحكومة الصينية، للشعب الصينى، والذى تضمن مطالبة الشعب بشراء احتياجاتهم الغذائية وتخزينها لفترة قادمة، دون إيضاح الأسباب الكامنة. وقد أحدث هذا التصريح دويًا عالميًا كبيرًا، لأنه صادر عن دولة عظمى لها شأن فى النظام الدولي. ولو صدر هذا التصريح من دول صغرى أو حتى متوسطة، ما كان قد حدثت ردود الفعل المختلفة، وقراءة المحللين لهذا الحدث غير المسبوق.

وعلى حين، قد صدرت أخبار غير مؤكدة، عن نفى صينى لهذا القرار الموجه للشعب الصينى، إلا أن المحللين والمراقبين، تجاهلوا ذلك، ووقفوا أمام هذا التصريح الذى اعتبر خطيرًا للغاية. فقد رأى البعض أن ذلك هو إعلان بحرب قادمة متوقعة، ربما تكون الصين مبادرة بها، أو ربما تكون الصين مفعولاً بها، أى فى نطاق توقعات إدارة بايدن بشن حرب على الصين.

حيث أعلنت هذه الإدارة، أنها انسحبت من أفغانستان، فى إطار إعادة التوجيه والانتشار لقواتها العسكرية، والتركيز على أعدائها الحقيقيين، وفى المقدمة الصين. ومن ثم اعتبرت الصين أن ذلك إعلان أمريكى بالحرب عليها إن آجلاً أو عاجلاً، ولابد لها من ترويض الشعب وجعله فى وضع الاستعداد فى حالة حدوث ذلك فعليًا.

ولاشك أن الإعلان العالمى، لقدوم فترة صعبة ستمر على الاقتصاد العالمى، الذى سيشهد حالة ارتفاع كبير فى الأسعار العالمية، ربما يكون أحد الأسباب الدافعة وراء هذا القرار الصينى، لاستيعاب هذه الموجة التضخمية العالمية. وللمرة الأولى نشهد حديثًا عالميًا بارتفاعات فى الأسعار، وضرورة الاستعداد لذلك، وهو أمر مريب ينم عما يحاك للبشرية من مؤامرات، مثلما يحدث فى وباء كورونا بموجاته المختلفة!!.

ولنسأل، كيف تحكمت الصين ذات المليار ونصف المليار نسمة، فى وقف عدوى الكورونا، وهو الوباء الذى بدأ فى الانتشار فى الصين، وانتقل إلى العالم؟! هل من إجابة مقنعة؟! وهل أرادت الصين إشعال حروب محتملة، سواء عسكرية أو اقتصادية أو تكنولوجية؟! وهل هناك حرب حالية تتسم بالصمت، مثلما يحدث فى النوع الحديث الحروب السيبرانية؟!

فى الوقت الذى يتعامل فيه الحزب الديمقراطى ويمثله حاليًا الرئيس الأمريكى (بايدن)، مع الصين باعتبارها شريكًا فى النظام الدولى، على عكس الجمهوريين الذين يعتبرونها منافسًا يصل إلى اعتبارها عدوًا، هل يمكن أن يكون قد تغير هذا الإدراك للصين، إلى حد أن أصبحت الآن عدوًا يجب سحقه وعدم السكوت عليه؟! والأكثر خطورة ذلك القرار الصينى الصادر من عدة أيام لإلغاء التعامل بالدولار.

أسئلة كثيرة والإجابات مؤجلة، حول ذلك القرار الصينى الذى تضمن مطالبة الشعب بشراء وتخزين المواد الغذائية للمرة الأولى حسبما هو ثابت، ويمكن فهم المغزى والتداعيات فى إطار فهم ما الذى يجرى فى النظام الدولى، واستراتيجية الغد لدولة الصين العظمى، نراقب ونفهم!.


لمزيد من مقالات د. جمال زهران

رابط دائم: