رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حتى لا نستمر فى استيراد 98% من احتياجاتنا..
مصــر تنتـج «بذورهـــا»

تحقيق ــ هبة جمال الدين

  • كيف يحقق المشروع القومى لإنتاج التقاوى الأمن الغذائى المطلوب؟
  • فاتورة استيراد البذور تكلف الدولة 1.2 مليار دولار
  • الخبراء : نحتاج ٥ سنوات لتحقيق الاكتفاء من بذور الخضر .. والإنتاج المحلى ينقذنا من استغلال الدول المصدرة
  • إنتاج التقاوى محليا يخفض الأسعار ويقضى على إصابة البذور والمحاصيل بالأمراض
  • أصحاب المزارع : المشروع سيمنع الاحتكار ويتصدى لجشع التجار .. ونطالب بإنشاء شركة وطنية للبذور

 


إذا كان الأمن الغذائى من أهم أهداف الدولة، فإن توفير متطلباته فى غاية الأهمية، من أجل تلبية احتياجات المواطنين من المحاصيل والمواد الغذائية وتقليل فاتورة الاستيراد، لهذا ينظر الكثيرون إلى المشروع القومى لإنتاج التقاوى باعتباره من أهم المشروعات القومية التى تنفذها الحكومة حاليا فى هذا المجال، خصوصا بذور محاصيل الخضر والمحاصيل البستانية، الذى حظى بتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا بالتوسع فى إنتاج البذور، لاسيما

وأن ذلك له مردود إيجابى مهم من خلال الاعتماد على بذور منتجة محليا تحمى المحاصيل من الآفات وتستنبط أصنافا ذات جودة عالية ولها قدرة كبيرة على مقاومة الأمراض، كما أن إنتاج البذور محليًا سيساعد فى خفض أسعار المحاصيل والخضراوات والتى يرجع سببها الأساسى الى الارتفاع المبالغ فيه لأسعار البذور المستوردة والتى يصل حجم استيرادها إلى 98% من احتياجات الزراعة فى مصر، وتكلف الدولة 1.2 مليار دولار .  


د. محمد عبدالجليل

وتتزايد أهمية مشروع إنتاج البذور محليا مع تأكيد الخبراء أن البذور المحلية أكثر مواءمة مع ظروف المناخ والتربة مما يؤدى إلى زيادة الإنتاجية، ورغم أننا نحتاج سنوات لتحقيق الاكتفاء لكن سادت حالة من الارتياح بعد تبنى الرئيس للمشروع الذى طالما انتظره المزارعون والمستثمرون الزراعيون.

وهذاالمشروع ينفذه فريق إنتاج تقاوى الخضر والفاكهة، بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، الذى نجح فى تسجيل 25 صنفا من تقاوى الخضر والفاكهة لأول مرة فى مصر، ويتم تنفيذ المشروع بالشراكة مع عدد من الشركات الأجنبية، فى إطار جهود الدولة لدعم القطاع الزراعى ورفع الكفاءة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية المصرية ويستهدف الاعتماد على بذور منتجة محليا، تحمى المحاصيل من الآفات، وتستنبط سلالات وأصنافا زراعية عالية الجودة والإنتاج.

ولكن ماذا يقول الخبراء فيما يتعلق بأهمية المشروع القومى لإنتاج البذور محليا؟ فى البداية يصف المهندس سيد حتاتة، صاحب مزرعة طماطم فى البحيرة، دعم وتبنى الرئيس لمشروع إنتاج البذور محليا بأنه سوف يسهم فى تنفيذ هذا البرنامج وأرجع ذلك إلى أن المشكلة الكبرى أننا نعتمد على البذور المستوردة التى لا تتوافق أحيانا مع المناخ المصرى، وتكون ملائمة لبلد المنشأ.

يضيف: «فى بعض الأحيان تكون البذور المستوردة غير مضمونة وغير مطابقة للمواصفات المصرية مما يؤدى إلى إتلاف بعض المحاصيل، كما حدث فى عام 2018 عندما تلف أكثر من 6 آلاف فدان بسبب استخدام بذور مغشوشة ووصل سعر كيلو الطماطم فى ذلك الوقت إلى 15 جنيها فى أول سابقة من نوعها، بسبب تلف إنتاج العروة الصيفية، ولكن بعد توجيه وتبنى الرئيس عبدالفتاح السيسى لإنتاج التقاوى محليًا، تجدد الأمل» ويبرر ذلك بأننا سنضمن سلامة الإنتاج الزراعى المصرى وجودة وسلامة الهجن، مضيفا أن البذور المصرية هى أفضل الأصناف لنا كمزارعين وأفضلها للتربة والمناخ، ويشيد بمركز البحوث الزراعية لما به من علماء أكفاء يستطيعون إنتاج البذور المتوافقة مع المناخ الحالى والتى تلائم التغيرات المناخية المتوقعة، وتمنى إنشاء شركة وطنية للبذور المصرية، مشيرًا إلى أن استخدام الصوبات فى إنتاج البذور سيضاعف الإنتاج.

ويضيف أن بدء هذا المشروع سيمنع الاحتكار ويتصدى لجشع التجار ويقول: «التجار من الممكن أن يحققوا أرباحا تصل إلى ٤ أضعاف ما يدفعونه فى الاستيراد، بالإضافة إلى أن التاجر الذى يستورد صنفا يسعى لاحتكاره بعد تأكده من جودته، ويرفع السعر بشكل مبالغ فيه لدرجة أن سعر العبوة التى تحتوى على ٥ آلاف بذرة تزيد من ٦٠٠ جنيه إلى ٣ آلاف جنيه.

زيادة الإنتاجية

يوضح الدكتور سامى رضا صبرى، رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، أن المشروع يخص محاصيل الخضر وليست المحاصيل الحقلية، فتقاوى المحاصيل الحقلية كالأرز والذرة والفول وهى محاصيل إستراتيجية يتم إنتاجها منذ سنوات طويلة محليا، ولدينا اكتفاء منها، ويشير إلى أن هناك 4 محطات لـ»غربلة» هذه المحاصيل منذ أكثر من 40 عاما، ويلفت النظر إلى أن المشروع الحالى الذى يتبناه الرئيس هو لإنتاج بذور الخضر، وهى التى مازلنا نستوردها من الخارج، ويؤكد أهمية هذا المشروع، فالهدف ليس فقط توفير مئات الملايين من العملة الصعبة، لكنه سيعمل على زيادة الإنتاجية ويبرر ذلك بأن إنتاج التقاوى فى المناخ المصرى يساعد على تجنب إصابة البذور والمحاصيل بالأمراض التى قد تؤدى إلى إفساد الإنتاج الزراعي.

يضيف: «هذا ما حدث فى المحاصيل الحقلية قبل تحقيق الاكتفاء ففى السبعينيات عند استيراد تقاوى  الأقماح المكسيكية الممتازة والتى كانت سببًا فى بداية الثورة الخضراء فى المكسيك أنذاك لكنها تسببت فى كارثة لمحصول القمح فى مصر الذى أصيب بمرض الصدأ، لأنها كما قلت تناسب الظروف المكسيكية ولا تناسب المصرية، كما أصيب محصول الأرز فى وقت ما بمرض «اللفحة» بسبب بذور تم استيرادها من الفلبين ربما تكون افضل البذور فى البلاد المنتجة لها لكنها غير ملائمة فى مصر، وإنتاج التقاوى محليا سيمنع كل هذه الكوارث».

خطوة مهمة

 الدكتور محمد محمود عبدالجليل، مدير معهد بحوث البساتين اﻷسبق يصف المشروع بأنه «خطوة مهمة» ويقول : «بدأت مع مجموعة من العلماء فى العمل على هذا البرنامج منذ عدة سنوات، عندما كنت مديرا للمعهد لكن توقف العمل به فترة إلا أن توجيه القيادة السياسية لدعم هذا القطاع سيكون سببا فى بدء التنفيذ الفعلى».

ويلفت الانتباه الى أننا لكى نحقق الاكتفاء الذاتى من بذور الخضر، سنحتاج إلى وقت قد يصل الى 10 سنوات، فالحصول على «هجن معدلة» لتثبيت الصفات الوراثية وتحقيق عدة معايير فى المنتج، ومن ثم إنتاج أجود أنواع البذور، ويضرب مثلا بالبطيخ اﻷصفر ويقول: «رأيناه فى الأسواق فى فصل الصيف وقد عكف العالم عليه 15 سنة كى يصل الى صفات جودة مقاومة للأمراض والآفات لبذرته بحيث لا يقل جودة عن الهجين المستورد وهذا ما حدث هذا العام فى إنتاج البطيخ الذى نافس أصناف البطيخ العالمية».

ويوضح أن دعم الرئيس لهذا البرنامج ليس فقط من أجل توفير ملايين الدولارات والذى يصل إلى مليار و200 مليون دولار للاستيراد، بل الهدف الرئيسى هو تحقيق الأمن الغذائى لمصر، ولا نكون تحت رحمة الدول المصدرة فى وقت الأزمات، وهناك نقطة مهمة أخرى، وهو فتح باب التصدير لبعض الأصناف ذات الجودة العالية كالطماطم والفلفل الألوان، مشيرا الى أنه خلال أزمة وجائحة كورونا كانت مصر الدولة الوحيدة المصدرة للمحاصيل فى الوقت الذى توقفت فيه أوروبا عن التصدير، وهذه الفترة شهدت ارتفاعا فى الصادرات المصرية نتيجة لمجهودات مركز البحوث الزراعية والقطاع الخاص، ويؤكد أن نجاح هذا المشروع سيحقق عوائد إيجابية على المواطنين والمزارعين، لأن أسعار الخضر ستتراجع، نظرا لانخفاض أسعار مستلزمات الإنتاج، وبالتالى سيحقق المشروع ربحية أعلى للمزارع، ويقضى على الاحتكار، ويزيد إنتاجية الفدان بفضل إنتاج البذور فى بيئة مناسبة مما سيؤدى إلى قلة الخسائر التى تلحق بالمحاصيل مما يخفض أسعار الخضر.

تحقيق الاكتفاء الذاتي

يشيد الدكتور يحيى خليل أستاذ الاقتصاد الزراعى بالمركز القومى للبحوث بالمشروع ويبرر ذلك بأنه سيوفر العملة الصعبة المخصصة لاستيراد بذور الخضر والتى ارتفعت فاتورتها بنسبة ٣٥ % خلال الفترة الماضية، جراء الزيادة السعرية للطاقة على مستوى العالم، مما تسبب فى زيادة الميزان التجارى الزراعى للدول المصدرة وعجز فى الميزان التجارى الزراعى المصرى، إذن فاستيرادنا للبذور بعد هذه القفزة السعرية سيمثل مشكلة تواجه الإنتاج الزراعى المصرى، وبالتالى فانطلاق هذا المشروع فى هذا التوقيت خطوة مهمة للغاية، وسيزيد الإنتاجية نظرا لإنتاج تقاوى الخضر محليا، ومن الضرورى استغلال الصوب الزراعية فى إنتاج البذور فكما حققت زيادة 5 أضعاف فى إنتاج المحاصيل الزراعية سيكون نفس الحال فى إنتاج البذور فيها لأن إنتاج الخضر فى الصوبة أفضل من الإنتاج فى الحقل المكشوف.

ويرى أن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتى من بذور الخضر خلال 5 سنوات لأن العلماء كانوا قد بدأوا بالفعل فى الإنتاج فى السنوات الثلاث الماضية، بالاضافة إلى أن إنتاج بعض أنواع التقاوى محليا سيوفر فى استهلاك المياه التى نعانى من مشكلات فيها بالفعل.

حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين يؤكد الأهمية الكبيرة للمشروع ويقول : «ليس من المنطقى أن يكون هناك فائض للتصدير 5 ملايين طن كل عام من الخضراوات والفواكه ونستورد تقاوى الخضراوات بملايين الدولارات، ويؤكد أن توفير التقاوى محليا سيمنع الاستغلال الذى نتعرض له من جانب البلدان المصدرة وقت الأزمات، كما أنه يمنع استغلال التجار للفلاحين وسوف يساعد على خفض أسعار المنتجات الزراعية، وزيادة الإنتاجية للفدان».

ويرى نقيب الفلاحين أن هذا المشروع سيحقق أهدافه بفضل اهتمام الدولة بالعلماء والباحثين وتقديم الدعم المادى والمعنوى للمراكز البحثية العاملة فى المشروع، فالعالم يحتاج إلى سنوات لاستنباط أصناف بمواصفات معينة تعطى إنتاجية أعلى مقاومة للأمراض ويضيف: «لدينا مركز البحوث الزراعية به علماء أكفاء يستطيعون إنتاج تقاوى تنافس التقاوى العالمية كالبطيخ الأصفر والقطن الملون الذى حققت أول إنتاجية له هذا العام نجاحا كبيرا فهذا الصنف غير موجود فى العالم وتهافتت الدول لشرائه لأنه يدخل فى صناعات الملابس الملونة دون إضافة صبغات»

ويوضح أن إنتاج التقاوى ربما يكون له مردود إيجابى كبير لا سيما بعد انضمام مصر لاتفاقية اليوبوف لحماية الأصناف النباتية، ويقطع: «لو توصلنا إلى صنف معين فى ظل الاتفاقية سيكون له مردود اقتصادى وسيسجل هذا الصنف باسم مصر وهو الأمر الذى يحقق مصلحة الوطن والزراعة المصرية».


رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق