رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ليبيا والاستقرار المنشود

فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ 2011، عُقد فى العاصمة طرابلس، الخميس الماضى، مؤتمر استقرار ليبيا، بدعوة وتنظيم من حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية الليبية، وبالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، وحضور ممثلى 27 دولة و4 منظمات دولية وإقليمية. ولعل انعقاد هذا المؤتمر عن ليبيا من داخل ليبيا، وليس خارجها، وحضور هذه الدول يؤكد، من ناحية، دعم الدول المشاركة لحكومة الوحدة الوطنية، ورغبتها فى إيجاد مخرج نهائى للأزمة الليبية. لكن من ناحية عملية، إذا لم تتلُ هذا المؤتمر خطوات عملية لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة والضغط على الدول المتدخلة بوقف مختلف تدخلاتها فى ليبيا، فسيكون مآل هذا المؤتمر مثل سابقيه.

ومع ذلك، تأتى أهمية هذا المؤتمر من كونه أعاد الأزمة الليبية الى الواجهة وأنه يمكن أن يُسهم فى تحقيق بعض التقدم فى حل الأزمة إذا أسهمت كل الأطراف فى استثمار المؤتمر والاستفادة من بيانه الختامى، ومن ضمنها إقامة الانتخابات فى موعدها المُقرر فى 24 ديسمبر المقبل وتوفير البيئة لعقدها بشفافية ونزاهة.

تشديد المؤتمر على ضرورة إجراء الانتخابات فى موعدها المحدد، بعد تعهد الحكومة الليبية المؤقتة بتوفير كل الإمكانيات للمفوضية العليا للانتخابات، مع الإبقاء على المشاورات حول صيغة إجرائها فى كل المناطق الليبية، يبقى قرارا جيدا يُزيد من فرص عقد الانتخابات فى موعدها، رغم كل المعوقات والمحاولات لتعطيل المسار السياسى سواء من طرف قوى داخلية أو خارجية. على العموم هناك ضغط دولى، ومن قبل الأطراف الفاعلة فى الأزمة الليبية من اجل إتمام الانتخابات دون تأجيل. هذا ما أكدته مخرجات مؤتمر برلين 2، والاجتماعات المُنعقدة فى المغرب، علاوة على تقارب وجهة نظر دول الجوار بشأن التسوية السياسية فى ليبيا، التى عبرت عنها مخرجات اجتماع الجزائر الأخير، والتى أقرت بضرورة تفعيل آلية دول الجوار للإسهام فى وضع حد للمشهد المرتبك فى ليبيا. يضاف إلى ذلك، رغبة بعض الأطراف الليبية فى الخروج من المأزق الراهن والعمل على دعم وتعزيز الاستقرار فى ليبيا.

ومع ذلك، تواجه العملية الانتخابية عددا من التحديات، من بينها حيازة جماعة الإخوان السلاح، واستمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية على الأراضى الليبية، ما يعنى إمكانية توظيف ذلك فى زعزعة الاستقرار ومن ثم تعطيل خريطة الطريق، علاوة على إمكانية استثمار التيارات الاسلامية للخلافات بين أطراف الأزمة فى الداخل والعمل على تغذيتها. كما يظل الدعم التركى المُعلن للتنظيمات المسلحة واستمرار رهان أنقرة عليها فى ليبيا محفزا لتلك التنظيمات من أجل المضى قدما فى مخططها.

من جانب آخر، إجراء الانتخابات فى موعدها قد لا يعنى بالضرورة الخروج من الازمة الراهنة فى ليبيا، خاصة فى حالة إذا ما فشلت جماعة الإخوان والمحسوبين عليها فى الحصول على المقاعد وتحقيق المكاسب المأمولة. هذا ما تؤكده تجربة الإسلاميين خلال السنوات الماضية، فبمجرد خسارة تلك التيارات للانتخابات عام 2014 لجأت إلى نشر الفوضى وتأجيج الصراع وفرض حالة من الانقسام والتشرذم بين الشرق والغرب الليبيين. وليس من المستبعد تكرار هذا السيناريو مجددا، خاصة بعد تهديدات رئيس مجلس الدولة، خالد المشرى فى يونيو الماضى، التى أكد خلالها أنه إذا ما أُجريت الانتخابات الرئاسية بالتصويت المباشر من الشعب قد ينتج صراع خطير لا يمكن لليبيا تحمله. وهى رسائل تحمل فى طياتها نية للتصعيد فى حالة إخفاق الجماعة فى الانتخابات المقبلة.

هذا، ويُمكن لأهداف مؤتمر استقرار ليبيا ان تبقى حبرا على ورق، إذا لم تنته التدخلات الأجنبية فى ليبيا، بما فى ذلك إنهاء ملف وجود القوات الأجنبية ووجود أكثر من 20 ألفا من المرتزقة والمقاتلين الأجانب. وقد أدت حالة الانقسام بين الفرقاء الى صعوبات حالت دون توحيد المؤسسة العسكرية، مما يزيد من تعقيد أزمة الوجود العسكرى الأجنبي. ومن المتوقع ان يتم متابعة الملف الليبى فى مؤتمر باريس، المزمع عقده فى نوفمبر القادم بدعوة من فرنسا، لدعم تنفيذ خريطة الطريق المتوافق عليها لاسيما فيما يتعلق بانعقاد الانتخابات فى موعدها ووضع أطر زمنية واضحة لخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا.

على العموم، على المجتمع الدولى تحمل مسئولياته إزاء ما يعوق عودة الاستقرار لليبيا، سواء الدور التركى المزعزع للاستقرار أو ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية او التيارات الداخلية التى لا تنحاز لمصالح الوطن بقدر ما تخضع لضغوط الخارج.

 

> كاتبة مغربية


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: