التوجه المصرى الحالى فى السياسة الخارجية المصرية نحو وسط وشرق أوروبا ليس وليد اليوم، ولا هو مجرد تطور وقتى مايلبث أن يتواري، وإنما هو مبدأ أصيل من مبادئ التفكير الدبلوماسى المصري، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية وهو يحرص على تنمية العلاقات مع دول هاتين المنطقتين، وسط أوروبا وشرقها، ومنذ أسابيع كان الرئيس السيسى مشاركا أساسيا فى قمة رؤساء مجموعة فيشجراد (التى تضم المجر وبولندا وسلوفاكيا والتشيك)، وبالأمس استقبل الرئيس السيسى نظيره الرومانى كلاوس يوهانس، ومعروف أن الرئيس السيسى زار رومانيا فى 2019 فى أول زيارة لرئيس مصرى منذ 15 عاما.
والحقيقة أن التعاون بين مصر ورومانيا يمثل أهمية لكلتا الدولتين على عدة أصعدة، أولها على الصعيد السياسي، حيث أن مصر تعد بوابة أوروبا إلى القارة الإفريقية المليئة بالفرص للجميع، كما أن رومانيا هى بوابة مصر إلى وسط وشرق أوروبا، ولا شك فى أن التحديات التى يفرضها الواقع الدولى الجديد هذه الأيام يفرض بل يحتم هذا التعاون السياسى بين البلدين المهمين، خاصة فى ظل رغبة الدول كلها فى تنويع علاقاتها السياسية بعيدا عن الاستقطاب أو الانحياز الى هذا الطرف أو ذاك، وعلاوة على ذلك فإن التحديات التى تواجه البلدين، مصر ورومانيا، تكاد تكون متشابهة، سواء من حيث قضايا الهجرة غير الشرعية، أو مكافحة الإرهاب، أو قضايا الطاقة، أو القضايا الإقليمية التى تهم الدولتين.
وقد عبر الرئيس يوهانس فى ذلك بشكل واضح، فى المؤتمر الصحفى المشترك أمس مع الرئيس السيسي، عن هذه الحقائق كلها، حين أكد أن مصر دولة مهمة جدا فى المنطقة، حيث تلعب دورا حيويا فى الحفاظ على الأمن على المستويين الإقليمى والدولي.
ثم يأتى الصعيد الاقتصادى ليمثل الجناح الثانى فى معادلة التعاون المصرى الرومانى، وفى هذا السياق قال الرئيس السيسى إنه تم الإتفاق بين الجانبين على ضرورة تطوير مجمل أوجه التعاون الإقتصادى والفنى على المستوى الثنائى بما ينعكس بشكل إيجابى على زيادة حجم التجارة والاستثمار بين الدولتين، وليس خافيا على أحد أن المحرك الأساسى لأى علاقة ناجحة بين دولتين هذه الأيام هو الاقتصاد، ومن هنا فإن بدايات النجاح هى أمور مثل زيادة حجم التجارة بينهما، وفتح أسواق البلدين أمام بضائع وخدمات واستثمارات كل منهما، فضلا عن حرية حركة الشركات الكبرى بينهما بما يسمح بزيادة فرص العمل فى كلتيهما، وبطبيعة الحال، وبالنظر الى مستوى التقدم الملحوظ فى اقتصاد مصر ورومانيا، فإن الفرصة سانحة جدا لتستفيد كل منهما من الأخرى.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: