رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دنيا ميخائيل :القصيدة ليسـت مجــرد متنفـس لمشاعرنا.. وقلمى أداتى لإيصال أصوات النساء المهمشات

د. مروة الصيفي - إشراف هبة عبد الستار

بحس أنثوي مفعم تسلط الكاتبة والشاعرة العراقية دنيا ميخائيل الضوء على أحداث الحروب ومعاناة النساء المهمَّشات في معظم كتابتها الشعرية والأدبية، أول إنتاجها الأدبي مجموعتها الشعرية »نزيف البحر«، بعدها أصدرت مجموعة شعرية أخرى بعنوان »مزامير الغياب«، والذي انطلقت بها إلى عالم الكتابة . وصلت مجموعتها الشعرية »الحرب تعمل بجد« إلى القائمة القصيرة لجائزة جريفن للشعر، وفازت مجموعتها الشعرية »يوميات موجة خارج البحر« بجائزة أفضل كتاب لكاتب عربي أمريكي للعام 2010. وترشح كتابها »في سوق السبايا« للقائمة الطويلة للجائزة الوطنية للأدب المترجم 2018، كما اختارت مكتبة نيويورك العامة مجموعتها الشعرية »الغريبة بتائها المربوطة« كواحدة من بين أفضل عشرة كتب شعرية لعام 2019. و تم ترشيح روايتها الأولى »وشْم الطائر« إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربية هذا العام . هنا قراءة لأحدث أعمالها، روايتها «وشم الطائر» وحوار معها حول إبداعها بين الشعر والرواية .

 

تكتبين الشعر والرواية فأيهما أحب إليكِ؟

ليست مسألة أيهما أحبّ إليّ وإنما لكل جنس أدبي لحظة تجعله الأنسب في وقت ما لموضوع ما. القصيدة الحقيقية ليس مثلها شيء بتأثيرها الذي يحدث بوقت قياسي مقارنةً بالرواية مثلاً، ولكن الرواية لها خصوصيتها أيضاً من ناحية المساحة التعبيرية التي تستوعب الشِعر وباقي الفنون.

بالتأكيد تتابعين الجدل المتعلق بتصنيف الشعر إلى شعر عمودي  وشعر حر وقصيدة نثر، فأين تضعين أشعارك وسط هذا الجدل، وكيف تقرئين هذا الجدل نفسه؟

لا أجد ضرورة لكل تلك الصفات الملحقة بكلمة شِعر التي هي برأيي مكتفية بذاتها تماماً. هناك شِعر وهناك نثر فلا أسمّي ما أكتبه قصيدة نثر ولا أعترف بهذه التسمية. الشِعر ليس وزناً وقافية ولا خواطر وتعبيرات عشوائية عن مشاعر. القصيدة قطعة فنية كالنحت مثلاً، تحتاج إلى شغل ينقلها من المادة الخام إلى الفن الخالص. علينا أن نتذكّر بأن القصيدة ليست مجرد متنفس لمشاعرنا لنخنقها بأيدينا دونما اعتبار لكيانها كعمل فني.

بعد صدور ديوانك «الحرب تعمل بجد» ذكرتِ أنك تكتبين عن الحرب من وجهة نظر أنثوية وقد لاقى إعجاب الكثيرين لكن هناك  من يقول بأنك تكتبين عن الحرب في كل كتاباتك، فهل ركزتِ على قضية تهميش المرأة وكونها ضحية للمجتمع بوجه عام في ديوان (الغريبة بتائها المربوطة) كنوع من الرد على ذلك؟

قلتُ إن ما يميّز كتابتي عن الحرب هو أنها من وجهة نظر امرأة. فالأنوثة ليس معناها التحدث عن الحب أو عن مواضيع يُعتقد بأنها أنثوية. بمعنى أن الأنوثة هي طريقة كتابة الموضوع وليس الموضوع نفسه، والتي تختلف عن الطريقة التي يتحدّث بها الرجل ولو أني لا أقصد ذلك. أما كتابتي لـ الغريبة بتائها المربوطة فأكيد ليس رداً على أى نقد. أنا أنظر إلى الكتابات النقدية بوصفها إبداعاً فكرياً موازياً للنص الفني، ولهذا فإن ارتباطها بذلك النص ليس قاطعاً ولا شخصياً. لذا هى لا تؤثر على مستوى أو مسار عملي الفني بأي شكل من الأشكال.

هناك رأي يقول بأن كتابتك للشعر أقرب للكتابة باللغة الإنجليزية عن اللغة العربية كونك تعيشين في المهجر، وتحملين شهادة في الأدب الإنجليزي، فما ردك؟

منذ بداياتي كنتُ أميل إلى الشِعر المترجم لأنه يفتقر إلى البلاغة التقليدية المبالغ بها أحياناً. تمكنتُ تدريجياً من الكتابة باللغتين ولكن دائماً أبدأ من اليمين إلى اليسار أولاً وحين أنتهي من العمل أباشر بالكتابة من اليسار إلى اليمين. كتابتي باللغة الإنجليزية تجعلني أتحسس اللغة العربية بشكل أفضل، فالكتابة الثانية (الإنجليزية) تجعلني أتعمّق أكثر فيما كتبتهُ بالعربية وأحياناً ترشدني إلى مواقع القوة والضعف في كتابتي أي أنها تفعل فعلَ التنقيح لمسوّدتي الأولى.

ترشحت روايتك «وشم الطائر» إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربية فهل عزز هذا توجهك نحو الكتابة الروائية؟

أسعدني الإهتمام الذي لاقتهُ روايتي من القراء ومن لجنة تحكيم جائزة البوكر وهم أساتذة كبار، خاصة رئيس اللجنة الشاعر شوقي بزيع الذي أثق بمجسّاته الإبداعية، ولكن لا علاقة لكل ذلك بتوجهات كتابتي. إذا كتبتُ رواية أخرى فلن يكون ذلك إلا بدافع حاجتي الحقيقية إلى كتابة تلك الرواية.

إلى أي مدى اتكأتِ على لغتك الشعرية في كتاباتك الروائية؟

لم أستخدم لغة شعرية في الرواية ولكن أعانتني خبرتي الشعرية كطاقة إبداعية في كتابة رواية وشم الطائر التي لا تخلو من الرموز والمفارقات والمشاهد ذات الشحنات العاطفية من دون استدرار لتلك العواطف. لم يكن من السهل إدارة عالم سردي يقف فيه الجمال على الطرف الآخر من الألم كأنهما على كفتَي تلك الأرجوحة التي سيختل توازنها إن ثَقُلَ أحدهما على حساب الآخر.

كيف وجدتِ في الأدب سواء الشعر أو الرواية وسيلة لتجسيد مأساة الإيزيديين خاصة أمام الغرب وخصوصا أن في سوق السبايا « تم ترجمتها للغة الإنجليزية؟

بالمناسبة، صدرت ترجمات إلى لغات أخرى كالفرنسية والإيطالية والفارسية والبولندية والبرتغالية. وهل لي من وسيلة أخرى سوى الأدب؟ فامرأة مثلي حتما تستجيب تجاه رؤية نساء معروضات للبيع في السوق. قلمي هو ربما أكثر أداة أجيد استخدامها (فلستُ ماهرة بشئون الحياة الأخرى) وأتمنى أن تتحول الأسلحة كلها إلى أقلام رصاص. الحافز الكبير بإيصال أصوات النساء المهمَّشات إلى أسماع العالم جعلني أعتني أكثر بالقيمة الفنية لهذا الموضوع الحساس بمعنى أني حرصتُ أن يكون النص إبداعياً بالدرجة الأولى، فأهمية الموضوع لا تبرّر وحدها نجاحَ العمل الفني، فإن لم يكن النص قوياً فنياً فلن يتحقق ذلك الغرض الأولي وهو جذب انتباه العالم إلى تلك الواقعة المأساوية.

قبل كتابة «في سوق السبايا»، عدتِ إلى العراق عام 2016 وقمتِ بمقابلات مع النساء اللاتي استطعن الهروب من جحيم داعش. ما أغرب ما خرجتِ به من تلك المقابلات، وكيف كان تأثيرها عليكِ؟

وجدتُ قصصهن كلها أغرب من الخيال. وقد أثرت عليّ نفسياً جداً حتى إني مرة، خلال تلك الفترة، رأيتُ في حلمي كائناتٍ غريبة هابطة من كوكب آخر، ملثّمة وتحاول خطف الناس من كوكب الأرض. من الأشياء التي أدهشتني عند الإيزيديين حين زرتهم في المخيمات هو حفاظهم على تقاليد الضيافة حتى في تلك الظروف الحالكة. كذلك طريقة استقبالهم للناجيات كانت مؤثرة جداً. في البداية يزغردون ثم يجلسون على الأرض ويبكون.

عادة ما يتأثر الكاتب بتجاربه الذاتية عند كتابة الرواية تحديدا، فهل حدث هذا التأثير عند كتابتك لرواية «وشم الطائر» ؟

أتفق في ذلك، فحتما تتسرّب خبرات الكاتب الحياتية إلى الرواية. وشم الطائررواية مستندة بالأساس إلى واقع ناس يعيشون في هذا الزمان، ولكن تصويري لذلك الواقع لم يكن انعكاس مرآة، فما كان لصلصال الفن أن يتشكل بلا خيال يمتزج مع ذلك الواقع، وفي الوقت الذي تصوّرُ فيه الروايةُ العالمَ بعيون الضحايا الدامعة فإنها تضيف إلى ذلك عدسة أخرى تلتقطُ المشاهدَ القريبة والبعيدة بما يشبه عدسة سينمائية.

يستطيع الأدب أن يقدم جزءاً كبيراً من التاريخ خاصة أن الرواية تستطيع أن تروي أشياء لم تذكرها كتب التاريخ، إلى أي مدى تعمدتِ التوثيق في كتابتك، وهل نتوقع منك المزيد؟

لم يكن التوثيق غايتي ولو أن الرواية تصلح فعلاً كوثيقة لما حدث. لكنها لا تُخبرُنا عمّا حدثَ فقط وإنما تستدل إلى آثار ذلك الحدث على الإنسان في منتصف انشغالاته بالحياة. لا تشير إلى الكارثة فقط وإنما تستقصي وقعَها وإيقاعَها في الروح. كل رواية هي شكل فني لتاريخ ما، ونجاحها مشروط بمدى قدرتها على اقتناص ظلال ذلك التاريخ. أما بخصوص الجزء الثاني من السؤال فقد بدأتُ بكتابة عمل جديد لم تتضح ملامحه الحقيقية بعد كجنس أدبي. موضوعه جديد تماماً! ربما من المبكر التحدث عنه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق