شاركت مصر فى أعمال مؤتمر «دعم الاستقرار فى ليبيا» فى 21 أكتوبر الحالي، بحضور منظمات أممية وإقليمية. واللافت للنظر أنه لأول مرة يعقد مؤتمر يخص المسألة الليبية على أراض ليبية، وتحديدا فى العاصمة طرابلس، حيث كانت عواصم دولية وعربية مثل برلين وجنيف والقاهرة وتونس والجزائر والرباط تحتضن مثل تلك المؤتمرات، وهو ما يشير إلى استعادة متدرجة للعافية الليبية بعد أكثر من عشر سنوات من الاضطراب والصراع والانقسام والتدمير. وتمثل المشاركة الواسعة فى هذا المؤتمر رسالة محددة مفادها أن هناك إدراكا دوليا وإقليميا لأهمية حل الأزمة فى ليبيا وعودة الاستقرار إليها، وهو مرهون بدرجة رئيسية بإعادة بناء المؤسسات الليبية السياسية والأمنية والعسكرية، لأنه بدون ذلك تصبح ليبيا عاجزة عن دعم ركائز الاستقرار.
وفى هذا السياق، تطرق المشاركون فى المؤتمر إلى القضايا الضاغطة والمؤثرة فى الاستقرار الداخلى الليبى ومنها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى موعدها المقرر فى 24 ديسمبر المقبل، واحترام نتائجها من كل أطياف الشعب الليبي، ومغادرة القوات المسلحة الأجنبية والمرتزقة البلاد بشكل تدريجى ومتزامن، ورفض التدخلات الخارجية فى الشأن الداخلى الليبي، ودعوة كل الدول لإعادة فتح سفاراتها فى ليبيا. ولعل ذلك يتفق مع الجهود المستمرة التى تقودها القاهرة لإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، والالتزام بسيادتها ووحدة كامل أراضيها، ودعم سلطاتها الموحدة، وإعطاء دفعة للمسار الانتقالى قبل شهرين من إجراء الانتخابات، ودعم عمل المفوضية العليا للانتخابات، وتنفيذ مخرجات اللجنة العسكرية «5+5».
غير أن التحدى الحقيقى الذى يواجه ترسيخ الاستقرار فى ليبيا، خلال المرحلة المقبلة، مرهون بآليات تنفيذ ما تم التوافق بشأنه فى طرابلس، ومراجعة تنفيذ اتفاقات برلين 1 و2، على نحو ما عبرت عنه وزيرة خارجية ليبيا، نجلاء منقوش من أن هذا المؤتمر يهدف للتوصل إلى موقف دولى وإقليمى موحد داعم ومتناسق، يسهم فى وضع آليات ضرورية لضمان استقرار ليبيا، من خلال تجاوز القضايا الضاغطة ومنها تثبيت إيقاف إطلاق النار، وسحب القوات الأجنبية المسلحة والمرتزقة التى يمثل بقاؤها تهديدا ليس فقط لليبيا وإنما للمنطقة ككل، والالتزام بعدم إرسال الأسلحة إليها، وتوحيد الجيش الليبى تحت قيادة موحدة، بما يعزز قدرته على حماية أمن ليبيا وسيادتها ووحدة ترابها.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: