وفقا لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، نجد أنه من المجموعات السلعية التى شهدت معدلات تضخم مرتفعة فى الأسعار خلال شهر سبتمبر الماضى، التعليم (30%)، والطعام والشراب (13%)، الخدمات والسلع المتنوعة (9%)، وفيما يتعلق بارتفاع أسعار مجموعة التعليم فهذا مقترن بعودة المدارس حضوريا، وطلب الأدوات المكتبية، والزى المدرسى، والمنتجات الورقية، ومصروفات المدارس الأخرى، وفيما يتعلق بالطعام والشراب، نلاحظ عدم وجود ضوابط واضحة على منظومة التجارة فى مصر لاسيما لتصدير بعض السلع الزراعية التى يستهلكها الناس أكثر مثل البطاطس والبصل، والثوم، والبرتقال وغيرها، وعدم توافر كميات كافية لسد الاحتياجات المحلية أولا، وهناك سلع استهلاك مستوردة، ونقص فى الإنتاج العالمى نتيجة موجات مناخية غير مواتية، بالإضافة إلى أزمات الطاقة، وارتفاع تكاليف شحن الحاويات إلى مستويات قياسية مع استمرار تعثر التجارة العالمية فى ظل جائحة كورونا، وارتفاع هوامش الشحن والنقل والرسوم الأخرى، وكل ذلك ينعكس فى الأخير على مستوى أسعار المستهلكين، ولذلك أقترح استحداث «معدل التضخم الطبيعى» كأداة لسياسات الأسعار، ويكون ذلك بوضع مدى (حد أعلى وحد أدنى) للتغير فى معدل تضخم أسعار مجموعات السلع وبنودها، بحيث إذا تجاوز معدل التضخم الفعلى الحد الأعلى الطبيعى الموضوع يكون ذلك إنذارا مبكرا لضرورة اتخاذ حزمة مناسبة من الإجراءات والمبادرات - الحكومية وغير الحكومية. فمثلا إذا تم وضع مدى يتراوح بين (2% و 8%) للتغير فى معدل تضخم أسعار مجموعة الطعام والشراب، فإذا تجاوز معدل التضخم الفعلى 8% يكون ذلك إنذارا مبكرا لضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات ومبادرات من أجل التصدى لموجة ارتفاع تضخم الأسعار.. إن استحداث هذه الأداة يمكن أن يحقق العديد من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية مثل الاستقرار الاجتماعى، واستقرار الأسواق.
إن معدل التضخم العام فى أسعار المستهلكين 8%. وحتى لا يصل التضخم إلى أكثر من 10%) فى أكتوبر وحتى أواخر العام الحالى، توجد بعض الطرق تمثل «خطة تعامل» لإبطاء وتهدئة التضخم، بما فى ذلك تفعيل الأدوار المجتمعية المهمة لكثير من الجهات الفاعلة مثل الغرف التجارية، وجهات الرقابة على الأسواق، وجمعيات المستهلكين، وهناك دور مهم للمستهلك نفسه كفرد يتحلى بالرشادة الاقتصادية.. والحقيقة أن علم الاقتصاد يوفر للمستهلك «إستراتيجيات ذكية» أو «نصائح» لكى يتعامل بها فى الحاضر والمستقبل بحيث يتم تعويض ارتفاع الأسعار دون تقليص القوة الشرائية، ومن بين هذه الإستراتيجيات (الإحلال -التأجيل- الاحتياج- التوفير), وعلى سبيل المثال، اعتمادا على مرونة الإحلال لدى الأفراد، يمكن التخطيط لنقل الأطفال من المدارس التى ارتفعت أسعارها إلى المدارس التى تقدم خصومات أسعار. ويمكن لأحد الوالدين أو الأبناء فى الأسرة تخصيص بعض الوقت لتعليم الأطفال بأنفسهم فى المنزل بدلا من الدروس الخصوصية التى ارتفعت أسعارها، ومن المهم فى أوقات التضخم، تأجيل شراء السلع الأعلى سعرا لأن مزيدا من الشراء يسبب النقص والاختناقات على جانب العرض مما يتسبب فى مزيد من ارتفاع الأسعار، كما أن ارتفاع الكميات المطلوبة مع زيادة الأسعار ضد منطق قانون الطلب، ويسهم الشراء بقدر الاحتياج وعدم التخزين أو التخزين المعقول فى إبطاء وتهدئة التضخم، وأيضا شراء السلع المعروض عليها خصومات أسعار (التوفير). دعنا نراهن على ذكاء المستهلك!
د. عبد الحميد نوار
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ جامعة القاهرة
رابط دائم: