رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
موسيقى «فاجنر» القاتلة!

مسكينة إفريقيا.. تبدو مثل كرة قدم يتقاذفها الاستعماريون القدامى والجدد بين أقدامهم. فرنسا تعانى من مشاكل خطيرة فى القارة، التى كانت تعتبرها حديقتها الخلفية. الأسباب كثيرة، لكن أبرزها شركة» فاجنر» الروسية شبه العسكرية، التى أسمتها منظمة العفو: الجيش السرى لبوتين. باريس قطعت مؤخرا المساعدات عن مالى وإفريقيا الوسطى بسبب اعتزام الأولى توقيع اتفاق معها لتقديم المساعدات العسكرية والتدريب الأمنى كما فعلت الثانية.

ورغم اتهامات خبراء الأمم المتحدة لفاجنر بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالاشتراك مع قوات إفريقيا الوسطى، وتشمل التعذيب والإخفاء القسرى والاضطهاد على أساس عرقى ودينى، إلا أنها تنتشر كالأخطبوط. الشركة الغامضة تشبه «بلاكووتر» الأمريكية، التى عاثت فسادا وتنكيلا وتعذيبا للعراقيين بعد الغزو. ومع أن السلطات الروسية نفت مرارا علاقتها بها، إلا أن تقارير دولية تؤكد أنها ابنة للكرملين، حتى ولو كانت غير شرعية.

وقبل عام ونصف، نشر مراسل «الأهرام» المرموق فى موسكو د.سامى عمارة تقريرا إضافيا عن نشأة فاجنر وعلاقة مؤسسها الملياردير يفجينى بريجوجين ببوتين منذ كان يتردد على مطعمه فى سان بطرسبورج إلى أن اصبح متعهدا لتوريد الطعام للرئاسة أى ( طباخ الرئيس)، ثم انخراطه بمشروعات أخرى لا علاقة لها بالأكل وصولا لشركة المرتزقة.

والشاهد أن الدور الروسى بإفريقيا يكتنفه الغموض بسبب فاجنر التى تتولى مهام لا ترغب موسكو فى الإعلان الرسمى عنها. ومع تراجع الاهتمام الأمريكى بالقارة، وتضاؤل الدور الفرنسى، تنتهز روسيا الفرصة للتواجد خاصة على الصعيدين الأمنى والعسكرى. ولأن إقامة قواعد عسكرية يثير الرفض الإفريقى والامتعاض الغربى، فإن فاجنر كانت الحل. شركة تمول نفسها من خلال خدمات الحراسة والتدريب، وفى نفس الوقت تعطى روسيا الفرصة لتوسيع نفوذها السياسى والأمنى فى البلدان التى تعمل فيها الشركة دون تكلفة تذكر.

فى الستينات والسبعينات، دعمت موسكو على عهد الاتحاد السوفيتى حركات التحرر الإفريقية بالمال والسلاح والخبرات، لكنها الآن، فى عصر البراجماتية الانتهازية، تتخفى وراء شركة أمنية، تحمل اسم مؤلف موسيقى ألمانى عظيم، كى تستعيد دور القوة العظمى على حساب الشعوب الإفريقية. كم تغير الزمن.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام

رابط دائم: