رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أليس لكل مجتهد نصيب؟!

ما زالت أصداء نتائج الثانوية العامة تتوالى، بعد تجربة جديدة لم يعتد عليها الطلاب من قبل، تجربة، لابد من تقييمها وتقييم نتائجها، لاسيما أننا فى بداية عام تعليمى جديد، يأمل فيه الطلاب تحقيق أمنياتهم وآمالهم، من خلال بذل الجهد المستحق. لذلك يكون من المناسب طرح بعض الأفكار التى قد تثرى الحياة التعليمية بالحيوية والشفافية، فمراد الطالب المنضبط، وجود امتحان عادل يمكن الجميع من الخضوع له ليحدد امكانياته وقدراته التعليمية بشكل عادل تماما. فهل تمكن نظام الامتحانات المعمول به العام السابق من تحقيق تلك المعادلة الصعبة؟

من المؤكد أنه ستتعدد الرؤى، بين مؤيد ومعارض، خاصة من المنادين بالتطوير، ولو على حساب أمور أخرى، وهنا أعرض وجهة نظر الأستاذ جوزيف كميل، مدرس رياضيات للمرحلة الثانوية، فى عقده الثامن، يؤكد فيها أن نظام الإمتحان السابق، حرم عددا غير معلوم من الطلاب من أخذ حقهم من خلال التقييم العادل لجهدهم. فنظام امتحان الاختيار من بين عدد من الإجابات، قد يصلح لتقييم جهد الطلاب فى جزء من دراستهم، ولكنه لا يصلح لبقيته، فعلى سبيل المثال، فى مسألة من مسائل الرياضيات التى تحتاج لجهد كبير وكثير من الخطوات للوصول للحل السليم، قد يبذل فيها الطالب جهداً معتبراً ولكنه لسبب ما يخطأ فى الوصول للنتيجة النهائية، مما يجعله يختار إجابة خطأ، لتكون قيمة درجة هذا السؤال صفراً. وهذا يعنى بذل جهد لم يقابله تقدير مكافئ.

وفى النظام الامتحانى السابق، كان الطالب يأخذ جزءًا من درجة الإجابة بقدر ما اجتهد واقترب من الإجابة، بما يعنى أننا فى النظام الأحدث شعر عدد من الطلاب بالغبن لعدم حصولهم على درجات توازى ما بذلوه من جهد. أضف للمثال السابق، بعض العناصر التى لا تقل أهمية عنه، فنحن نعانى معاناة شديدة فى تدهور مستوى اللغة العربية بشكل واضح، مما يحتم على الدولة التفكير بشكل عملى فى الحفاظ عليها من خلال ترسيخ أصولها فى المنظومة التعليمية. وجزء رئيسى منها عودة حصص الإملاء، هل نتخيل أن هناك شبابا أنهوا مرحلة تعليمهم الجامعى، وما زالوا يخطئون فى كتابة بعض الكلمات، بشكل مستفز، حتى تكاد تشعر عند قراءة ما يكتبون أنهم يحتاجون لمحو الأمية الكتابية.

والأغرب وجود عدد كبير من أبنائنا فى مراحل تعليمية مختلفة خاصة المراحل الأصغر، يفتقدون لكل مهارات اللغة العربية من الكتابة والنطق، وهو ما ينبئ بضياع هويتنا العربية فى المنظور القريب، إذا لم نتحرك صوب تقويم هذا الوضع الغريب. جزء رئيسى من هذا التقويم يكون من خلال اعتبار الإملاء سؤالا مهما وله درجة كبيرة من درجات النجاح فى اللغة العربية، على مر السنين التعليمية منذ الصغر وحتى انتهاء المرحلة الثانوية. نعم حتى انتهاء المرحلة الثانوية، فكم نسبة من يكتبون بشكل صحيح من طلاب الثانوية العامة الآن، إذا تم عمل إختبار فى الإملاء.أثق أن غالبيتنا يعى ويعلم أن النسبة قد تكون صادمة.

ليس ذلك فقط، ولكن من المهم والمفيد تدريب الطلاب على الكتابة، وليس أمتع ولا أفضل من مادة التعبير، التى كانت سببا على مر العقود فى تخريج أجيال من المثقفين، لأنها تعمل على بناء العقل وتدريب الخيال على الإبداع، للأسف النظام الإمتحانى للعام السابق لا يمكن من ذلك سواء فى الإملاء أوالتعبير. وأضيف لما سبق جزءا آخر لا يقل أهمية يتعلق بسؤال كان يبين قدرة الطلاب على فهم اللغة الأجنبية، حينما كان يطلب المصحح ترجمة نص أجنبيى للعربية أو العكس، وهو ما يبين لنا عجز نظام الإمتحانات الحالى عن تحقيقه، وبالتالى فقدان عناصر مهمة للغاية فى تعليم ومن ثم تقييم أبنائنا الطلاب بشكل سليم وعادل وشفاف!!

لذلك ونحن فى بداية العام الدراسى، أتمنى أن ننظر للأمور بشكل أكبر وأعمق، واضعين نصب أعيننا ما نتمنى تحقيقه من المنظومة التعليمية، مع ربطه بالكيفية، كل ذلك فى إطار الإمكانات المتاحة، بما يفيد الطلاب ويحقق لهم الخضوع للتقييم وفق أقصى درجات العدالة. وماتم طرحه من أمثلة سابقة، أثق أن هناك ما يشابهها يمكن أن يضعه كل المهتمين بالتعليم، من طلاب وهم عصب وهدف المنظومة، وأولياء أمور، وكذلك المسئولون.

ليس هناك شك على الإطلاق أننا لابد أن نواكب كل سبل التطوير التى وصلت إليها الدول المتقدمة فى التعليم، ولكن ونحن نسعى للمواكبة، لابد من الوقوف على أولوياتنا، وكيفية تحقيقها، فحتى اليوم الدول المحتلة للمراتب المتقدمة تعليمياً، مثل بريطانيا تعتمد الامتحان الورقى، والأسئلة التى تحتاج لإجابات تفصيلية، وسيلة للاختبار، لأنها الأنسب والأفضل للوقوف بشكل يبدو الأكثر عدلا لتقييم مستوى الطالب، مما يتيح إعطاءه الدرجة المناسبة.

وعندنا الدرجة المناسبة للطالب قد تغير مستقبله بشكل تام، ليلج لمجال قد يبدع أو يفشل فيه، لذلك أرى أنه من المناسب البحث عن السبيل الأمثل للنظام الإمتحانى الأكثر عدلاً وشفافية، بما يُشعر الطالب بعدالة التقييم، وبما يؤتيه ذلك من أثر إيجابى على المنظومة التعليمية، ومن ثم على الوطن والمواطن، وهو مما لاشك فيه ما تسعى الدولة لتحقيقه.

[email protected]

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: