رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نوبل تنتصر لفكر هيكل وتعارض جائزته!

أسعدنى خبر منح جائزة نوبل للسلام لصحفيين منذ أيام، لأنها أول مرة تكافئ نوبل الصحافة المستقلة على مدى 120 سنة, ماريا ريسا مؤسسة المنصة الرقمية للصحافة الاستقصائية بالفلبين، والثانى ديمترى موراتوف رئيس تحرير مطبوعة مستقلة انفردت صحيفته الروسية بتحقيقات استقصائية عن الحرية والفساد، كما أسعدنى تبرير لجنة الجائزة باعتبارهما يمثلان جميع الصحفيين فى عالم تواجه صحافة المثل العليا ظروفا سيئة بشكل متزايد!

لفت نظرى أن الفائزين معارضان لبلديهما، ويناهزان الستين سنة، ورغم تسييس الجائزة لكن حكومتى البلدين كانتا أول من هنأ الفائزين، وهو نضج فى الرؤية واعتراف بدور الصحافة الوطنية الجادة فى كشف المعلومات المضللة أمام صانع القرار.

لكن الذى أشعل غيظى أن الإعلان جاء عقب إعلان جائزة هيكل للصحافة العربية، وهى أكبر جائزة صحفية عربية, 250 ألف جنيه لكل فائز، ومؤسسها محمد حسنين هيكل رمز الصحافة الرصينة العميقة الاستقصائية الجادة، ما جعلنى أتساءل: لماذا مر حفل منح جائزته منذ أيام فى صمت؟!

الإجابة وردت فى دراسة‪جادة ‬ كتبها المستشار الجليل طارق البشرى عن محمد حسنين هيكل ـ يرحمهما الله ـ قال: سئل الإمام الشافعى عن مكانة الليث بن سعد الفقيه المصري، فقال هو أفقه من مالك.. لولا أن أصحابه لم يقوموا به، الإجابة أدهشتنى لأنها تجدد إلقاء اللوم على تلامذة فقيه الصحافة المهنية المصرية فى البحث والدراسة، ثم أضاف أن صاحب أنجح تجربة صحفية مؤسسية بدأ من تنشئته المحلية شديدة الثراء اللغوي، قبل الانطلاق وراء الأحداث والثورات وبراكين السياسة، وهنا يكمن سر المذاق الخاص فى أسلوبه الجامع بين الوعى الإنسانى وتفاصيل جريان الحدث والعمق الفكرى والحس التاريخى المستشرف للمستقبل، وظل الأستاذ هيكل بشهادة طارق البشرى أكثر كاتب يجلس معه القراء فى مقال, لمدة17سنة، وحين غادر مؤسسته الأهرام ومرحلة استنباط الخبر، اتسعت القاعدة حين خاطب هيكل بمؤلفاته ووثائقه الأقرب إلى صحافة الاستقصاء، حاضر العالم المعيش والمستقبل الذى نستحقه!

أحسست بحجم العتاب الذى وجهه المستشار الجليل طارق البشرى لتلامذة الأستاذ ومريديه الصحفيين الذين أصبحوا المالكين الحقيقيين لفكر الأستاذ وليس فقط القائمين على مؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية, فتجربة هيكل نفسه كانت قومية لكل الناس ولن يستمر ذلك حتى تحرص جائزته على تحديث المهنة وتطوير الأداء الصحفى للحاصل عليها وتشكل أملا لكل من يريدها!

وشعرت بالقلق حين قالت السيدة الفاضلة هدايت تيمور رئيسة مجلس الأمناء خلال حفل تتويج الفائزين الأخيرين أنه خلال 15 سنة من إنشاء الجائزة فإنها منحت لـ 11 فائزا فقط، ومع كل تقديرى لأمانة اللجنة وأنها مستقلة وغير فئوية أو موجهة فإننيٍ أسوق الملاحظات التالية لعل مراجعة الجائزة باتت واجبة فى ظل انحسار صداها بما لا يتفق وقيمتها وثقة فى قدرتها على الارتقاء بالمهنة:

أولا: لم يسمع أحد بعد رحيل الأستاذ المؤسس عن استضافة نجوم الصحافة العالمية لنقل تجاربهم والجديد فى المهنة مثل سيمور هيرش، كما غابت الأبحاث والندوات وورش العمل عن الصحافة الاستقصائية التى كان يراها المؤسس هى مستقبل الصحافة المطبوعة والإلكترونية!

ثانيا: جائزة هذا العام منحت لمراسلة تليفزيونية من البحرين وصحفى مصرى من السوشيال ميديا والعام الماضى لمحررين من بوابات والعام الأسبق لمحررين، كلهم دون الأربعين, ولا ينتمون لأى مؤسسة صحفية، فبدا الأمر أن صحافة المؤسسة الجادة لا وجود لها بالجائزة التى أنشأها رمز الصحافة التحليلية المعمقة العربية وظلت القواعد التى أرساها مثلا يحتذى عند إنشاء أو تحديث أى مؤسسة صحفية، رغم تحذيرات الأستاذ لنا مرارا من حشر أنفسنا لمنافسة هذا الوسيط المتسرع على التريند والترفيه على حساب الدقة والعمق والتثقيف!

ثالثا: جائحة كورونا فرضت تحديات على الأداء الصحفى ومات العديد من الصحفيين فى أثناء أداء رسالتهم وبرزت الصحافة العلمية والطبية لكن لم تعر الجائزة هذا الحدث الاستثنائى أى اهتمام مهنى إلا فى الشكل شبه السرى لحفل توزيع الجوائز!

رابعا: جوائز نقابة الصحفيين التى لا يزيد الفائز الأول بها عن ستة آلاف جنيه تحدث صدى فى كل بيت مصرى لمتابعة القائمة الطويلة والقصيرة والفائز الأول والثانى والثالث من كل الأعمار فى فروع تغطى أكثر من 20 تخصصا صحفيا!

يبقى مجرد اقتراح: بتخصيص جائزة أولى وقدرها 350 ألف جنيه على ٢٥ صحفيا فى مختلف فروع الصحافة المطبوعة والإلكترونية، وتخصيص الجائزة الذكية وقدرها 150 ألف جنيه لفائز واحد، فى مجال الصحافة الذكيةالاستقصائية.. وتعلن اللجنة عن حيثيات فوز الموضوع وتشترط شمولية التناول ومدى الاستفادة من الوسائط المطبوعة والالكترونية وتأثير النشر فى محيطه الصحفى والاجتماعى وما أضافه للمهنة التى يبقى الأستاذ رمزا لكرامتها وكبريائها.


لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف

رابط دائم: