رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مولد النبى.. بناء أمة

د. جمال رجب سيدبى

فى ذكرى ميلاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) نستدعى المعانى والدروس والعبر والمثل الوضيئة، من سيرته العطرة، التى تؤدى إلى رقى الأمة وتحضُرها، خاصة فى هذه المرحلة التاريخية التى تمر بها أمتنا العربية والإسلامية، فى وقت تتداعى عليها الأمم، فالقرآن الكريم - الذى أنزل عليه - جاء بالتصور الفريد فى علاقة الإنسان بربه والكائنات من حوله، فهى علاقة تناغم وانسجام، لا تنافر وخصام، بخلاف الفلسفات والمذاهب التى تدور حول صراع الإنسان مع الطبيعة.

جاء القرآن ليخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فأعلى من حرية الإنسان، وأقام البناء الاعتقادى المتوازن، الذى رسخه النبى (صلى الله عليه وسلم)، وتأسى به الصحابة سلوكاً وفكراً.

 

أقام النبى (صلى الله عليه وسلم) المجتمع الإسلامى على أسس العدالة والمساواة بين الناس. يقول تعالي: «وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ».

وعندما شاعت صفة العدل بين الغنى والفقير، والعالم و الجاهل، والقائد والرعية، كان ما كان من رقى وازدهار فى عقود معدودة، انساح فيها المد الإسلامى فى شتى أنحاء العالم، فقد كان الصحابى «رجلا فى أمة، وأمة فى رجل».

أقف مندهشاً لهذه الجماعة من الصحابة الذين رباهم النبى (صلى الله عليه وسلم) على عينه، وكأنهم ملائكة هبطوا من السماء فى نقاوتهم، وطهارة قلوبهم، كما كانوا فرساناً بالنهار، ورهبانا بالليل.

ومن يتأمل فى السيرة العطرة يرى كيف استطاع النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يؤلف بين التيارات والثقافات والأجناس كافةً، بلا إقصاء أو تهميش، ففى دولة المدينة طبق المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، كما وضع دستور المدينة، وهو أول وثيقة فى التاريخ تنظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وتؤسس لحقوق المواطنة، قبل أن يعرف الغرب حقوق الإنسان، فى ظل المواثيق الدولية بقرون طويلة.

فإن أردنا حقاً أن نحتفل ونحتفى بميلاده (صلى الله عليه وسلم ) فلابد أن نتبع سنته ومنهاجه، وأن نُكثر من الصلاة عليه، بقلوبنا وجوارحنا قبل ألسنتنا.. فيوم أن ذكر المسلمون الله، سبحانه وتعالى، حق الذكر كانوا فى مقدمة الركب والتقدم الحضارى، فإن الصلاة على النبى هى ذكر لله (اللهم صل على محمد)، فنبدأ بذكر الله تعالى، ثم الصلاة على الحبيب، ففيها تفريج للكروب، إذ هى من أصول الوصول لمحبة الله سبحانه، قال تعالي: «قلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..». ويقول سبحانه: «..وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا».

علينا أن نستلهم من هذه الذكرى ما يبنى الأمة فى المجالات كافة: حضارياً وثقافياً وروحياً وتربويا، وأن يكون ديدننا فى فهم السنة النبوية الشريفة منهج الدراية، وإعمال العقل، بالإضافة إلى الاستمساك بمنهج الرواية فى فهمها، وكلاهما لا ينفصلان.

 

> أستاذ الفلسفة الإسلامية ـ جامعة السويس

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق