الحزن حالة من حالات الإنسان، فالحياة ليست فرحة دائمة، ولا بهجة مستمرة، لذا فإننا لا نستطيع أن نقول إن الحزن هو الاكتئاب، فالاكتئاب أعمق من ذلك بكثير، وله كثير من الأعراض والعلامات، وقد وضعت الجمعية الأمريكية للطب النفسي ثماني علامات للاكتئاب، هى ضعف الشهية مع فقدان الوزن أو فرط الشهية مع زيادة الوزن، والأرق أو الإفراط في النوم لساعات طويلة، والتهيج الحركي أو قلة الحركة، وفقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة أو نقص الشهوة الجنسية، وفقدان الطاقة، والإحساس بالتعب، والإحساس بعدم القيمة والأهمية، أو لوم وتأنيب النفس، أو الإحساس بارتكاب ذنب أو معصية لا يمكن تحديدها، وتراجع القدرة على التفكير أو التركيز، وأفكار متكررة تراود المريض عن الموت أو الانتحار، لكن هناك نوعا من أنواع الاكتئاب لا تتوافر فيه كل هذه الأعراض والعلامات يطلق عليه «:الاكتئاب المستتر» يشكو فيه المريض من ألم مزمن لا يستجيب للمسكنات، وعند إجراء فحص إكلينيكي للمريض، فإنه يكون سليما، وعندما تجرى له أبحاث معملية، فإنها تكون في الحدود الطبيعية، فالمريض يشكو من التعب المستمر، والإرهاق الدائم، والإحساس بالتوعك.
وهناك أمراض عضوية تؤدي إلى أعراض تتشابه مع الاكتئاب المستتر، مثل الأنيميا بأنواعها المختلفة، حيث التعب والإرهاق الذي لا يفارق المريض، ويحدث ذلك أيضا في الأمراض المعدية، وأمراض الغدة الدرقية والجاردرقية، وأمراض الغدة الكظرية، والتصلب المتعدد، وأمراض المخ العضوية، والتجمع الدموي تحت الجافية، وسرطان البنكرياس، وهذه هي الحالات التي تبدأ بالاكتئاب، أو تتشابه معه، ومن ثم يجب فحص جميع المصادر العضوية للاكتئاب قبل البدء في العلاج الدوائي المضاد له.
ويقول الدكتور توماس هاكت أستاذ الطب النفسي بالمدرسة الطبية بهارفارد هناك أدوية تؤدي إلى أعراض وعلامات الاكتئاب مثل عقار «ريزربين» وهو أحد أوائل الأدوية التي سببت الاكتئاب، وعقار ميثيل دوبا، وهذان العقاران يسببان اكتئابا شديدا، وهناك أدوية مثل البروبرانولول، وحبوب منع الحمل، والكورتيزونات، والباربتيورات، والديازيبام، لها القدرة على إحداث الاكتئاب، وغالبا تعتمد شدة أعراض الاكتئاب على جرعة الدواء، ويمكن الحد من هذه الأعراض بتقليل جرعة الدواء.
د. يحيى سنبل
رابط دائم: