رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دفعات «كورونا»

بريد;

وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية بلغ عدد المصابين بفيروس «كورونا» حول العالم أكثر من 230 مليون حالة، في حين تجاوز عدد الوفيات أربعة ملايين وفاة، ولا مناص من التعايش مع الفيروس الذى يتحور بشكل غير مسبوق، مما دفع الأطباء إلى القول بأنه فيروس «بلا كتالوج»، وفى ضوء هذه الحقيقة هناك سؤال يطرح نفسه: كيف يكون التعليم في زمن كورونا؟.

لقد طالبت منظمة الصحة العالمية بضرورة إجراء اختبارات فيروس كوفيد 19 (كورونا) في المدارس لتفادي إغلاقها، والحد من التأثيرات الضارة للتعليم عن بعد، وفي بيان مشترك من اليونيسيف واليونسكو جاء ما يلى: (إن أشهر الصيف توفر فرصة قيمة للحكومات لوضع مجموعة إجراءات صحية تساعد على تجنب اللجوء إلى إغلاق المدارس، مع الحفاظ على معدلات إصابات منخفضة بفيروس كورونا.. إن إغلاق المدارس كما شاهدناه، له تأثيرات ضارة على التعليم والسلامة العقلية والاجتماعية لأطفالنا وشبابنا، ولا يمكننا السماح للجائحة بسرقة تعليم الأطفال وتنميتهم).

إن ما صرحت به الهيئات الدولية، ومفاده أن إغلاق المدارس خطر، لم يأت من فراغ، ولكنه يعبر بصدق عن واقع عانى منه العالم بأسره، فوفقاً لهيئة اليونسكو فإن مليارا و370 مليون طفل تركوا الدراسة بسبب تفشي جائحة كورونا على مستوى العالم، وقد أدى إغلاق المدارس إلى زيادة الضغط على الأطفال وآبائهم للبقاء بالمنازل وعدم اللعب مع الأصدقاء، والذهاب للأندية، وهو ما نتجت عنه تأثيرات سلبية وإساءة لمعاملة الأطفال بعد أن نفد صبر الآباء، فعانى الأبناء.

صحيح أن (التعليم عن بعد) كان حلاً وحيداً لتداعيات الجائحة على التعليم، ولكن هذا النمط من التعليم ينبغي ألا يمثل سياسة أو آلية ثابتة للتعليم، إذ إن مثالبه تفوق كثيراً مزاياه، فالتفاعل بين التلميذ والمدرس أو ما يطلق عليه (لغة الجسد) ناهيكم عن الجوانب التعليمية والتربوية والاجتماعية التي لا تتحقق إلا في المدارس والجامعات، أمر مهم للغاية ولا يمكن تجاوزه، أو غض الطرف عنه.

لقد ثبت بالدليل القاطع انخفاض المستوى التحصيلي للتلاميذ إبان اعتمادهم على نظام التعليم عن بعد، ومن اللافت للنظر أن هذا التأثير لم يكن مقصوراً على الدول النامية التي تعاني مشكلات ومعوقات البنية التحتية للتواصل عبر شبكة الانترنت، ولكن هذا الانخفاض في مستوى تحصيل الطلاب قد تأكد أيضاً بالدول المتقدمة التي تتوافر فيها منظومة متكاملة، وعالية الكفاءة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو ما يسر لهذه الدول اتباع نظام تعليمي عن بعد يحاكي نظام التعليم المباشر إلى حد كبير، بيد أن هذا لم يحل دون التأثيرات السلبية للتعليم عن بعد من مناح عدة.

وليس من المستبعد أن يطلق على الدفعات التي تلقت تعليمها عن طريق التعليم عن بعد على خلفية جائحة كورونا مسمى ( دفعات كورونا)، في إشارة لا تخطئها العين إلى أن هذه الدفعات لم تتلق كل ما كان ينبغي أن تتلقاه من معلومات ومعارف، ولاسيما في الجانب العملي ( الطب نموذجاً لذلك)، وهذا هو بيت القصيد، فكيف سيكون مستوى خريجي كليات الطب والهندسة، مثلاً والذين تلقوا تعليمهم نظرياً على مدى عامين كاملين من خلال التعليم عن بعد؟.

إن التعليم عن بعد كان حلا ضروريا فرضته تداعيات جائحة كورونا، ولكنه ينبغي ألا يكون (موضة) لآليات التعليم بعد كورونا، وحسنا ما صرح به أخيراً الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني من أن المدارس في العام الدراسي المقبل لن تغلق إلا في أحلك الظروف، بداية من مرحلة رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة، مضيفاً أنه لا بديل عن وجود المعلم والتلاميذ في الفصول، وأن الدولة ستحافظ عليهم بشتى الطرق من الإجراءات الاحترازية، وأن السنة الدراسية ستكون نظامية، وأن المحتوى الإلكتروني والبدائل الأخرى لن تكون أساس التعليم.

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بجامعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق