خطفت مريم على، ذات الأصول المصرية، عدسات الكاميرات فى إيطاليا مع ظهورها كأول مرشحة محجبة فى انتخابات المجلس المحلى للعاصمة روما. الاهتمام بمريم على لا يقتصر على ذلك فحسب، بل لسنها أيضا، فهى الأصغر بين المرشحين فى الانتخابات المحلية، بعمر لايتجاوز الـ 20عاما. ومع ذلك، فقد لفتت أنظار وسائل الإعلام الإيطالية إليها، كناشطة مدنية منذ كان عمرها 15 عاما، عقب وقوع الهجوم الإرهابى على مسرح «باتاكلان» فى فرنسا. ففى ذلك الوقت خرجت مريم مع أسرتها فى مظاهرات بروما تنديدا بالهجوم الإرهابى، رافعين شعار «ليس باسمى». ومالبثت أن أجرت صحيفة «كورييرا ديلا سيرا» الإيطالية حوارا معها ومع أختها تسنيم، حول تداعيات الحوادث الإرهابية المتكررة وتأثيرها على نظرة الناس إليهما.
مريم ولدت فى روما لأب مصرى يدعى سامى سالم، يعمل إمام مسجد «ماليانا» ، الذى يعد ثانى أهم مركز إسلامى فى العاصمة روما. ولدى سامى مكتب سياحى ينظم رحلات الحج والعمرة، كما قام بتدريس «الثقافة الإسلامية» فى معهد تابع لشرطة الدرك.
وتدرس مريم القانون فى جامعة «سابينزا» الإيطالية. وتتمتع بتأثير واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعى، حيث يبلغ عدد متابعيها على موقع «انستجرام» فقط 40 ألفا. ومن بين شقيقاتها الأربع، تتمتع أختها تسنيم (21 عاما) بشهرة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعى، حيث يبلغ عدد متابعيها 54 ألفا على «انستجرام» و269ألفا على «تيك توك». وتهوى تسنيم تسجيل مقاطع الفيديو، التى تجيب فيها بأسلوب مرح وغير تقليدى عن تساؤلات البعض حول الإسلام.
وتخوض مريم الانتخابات المحلية التى ستجرى فى 3و4أكتوبر المقبل على قائمة حزب «ديمقراطية تضامنية» أو «ديموس» (يسار وسط). ولإدراكها بأن حجابها أول ما تقفز إليه الأعين فى إيطاليا، أرادت مريم تأكيد أن دخولها حلبة السياسة ليس له علاقة بالأسباب الدينية. وتؤكد أنها لم تخط تلك الخطوة لتمثيل المسلمين فى إيطاليا، بل اتخذتها كمواطنة إيطالية تنتمى لروما وترغب فى مساعدة الصغير والكبير والمحتاج. وأضافت أن السبب وراء اختيارها هو رغبتها فى مد يد العون للمدينة التى ولدت وتربت بها، والتى تعلم احتياجاتها وما ينقصها.
وأوضحت- كما تنقل عنها وسائل الإعلام الإيطالية- أن الدين بالنسبة لها يمثل حافزا لها لأن تعطى بلا مقابل. وحتى تساعد الآخرين كما علمها والدها من بين تعاليم الإسلام.
وتروى مريم كيف أقبلت على هذه التجربة، حيث تحدثت مع والدها أولا، ثم قابلت أعضاء من حزب «ديموس» وأبلغتهم بنيتها، حتى دخلت قائمتهم. وأوضحت مريم- على صفحتها على موقع «انستجرام» – أن الأمر لم يكن سهلا، فبناء على الأفكار النمطية، فإنها تمثل كل شىء ضعيف ومحل انتقاد، فهى: امرأة، مسلمة، ترتدى حجابا، صغيرة، وكثيرا ما تسجل مقاطع لموقع «تيك توك». واستنكرت مريم اتهام البعض لها بأنها «خاضعة» بسبب ارتدائها الحجاب، لكنها دعت كل من يمرون بصعوبات بسبب أحكام الآخرين المسبقة، أن يتغلبوا على الانتقادات، وأن يفعلوا ما يرونه جيدا لأنفسهم. وقالت إن هذا الأمر ليس سهلا ولكن يجب فعله.
وكان باولو تشيانى، المرشح على رأس قائمة المجلس المحلى لروما عن الحزب، قد أكد أن قوائم الحزب فى الانتخابات المحلية تضم مرشحين ذوى أصول من 18 دولة مختلفة ومن 4 قارات. وأوضح-خلال مؤتمر صحفى- أن حزبه لم يقم بذلك لعاطفة خاصة تجاه التعدد العرقى، وإنما لأن الحزب أراد تمثيل واقع روما كما هى وليس كما تتظاهر. وأضاف نحن نؤمن بروما كمدينة مفتوحة. وقال:» قائمتنا ممتلئة بمن يطلق عليهم المواطنون الجدد».
ولايعد هذا الانفتاح إزاء الجيل الثانى من أبناء المهاجرين، مقصورا على حزب «ديموس» فحسب، بل يبذل أيضا الحزب الديمقراطى (يسار وسط) جهودا لإدماج الجيل الثانى من المهاجرين فى البلاد.
. ومريم ليست المصرية الأولى التى تترشح فى الانتخابات المحلية الإيطالية، بل سبقها على سبيل المثال منذ أعوام، ماتيا عبده المولود عام ١٩٨١ لأب مصري. وقد كان عضوا فى المجلس المحلى لمدينة ميلانو، العاصمة الاقتصادية لإيطاليا وأهم مدن الشمال . ويخوض الانتخابات أيضا الشهر المقبل عن الحزب الديمقراطى فى نفس المدينة.
وتتعدد الأمثلة من عدة بلدان عربية وإفريقية أخرى، وهو ما يراه بعض الإيطاليين، بداية تغيير يحدث فى البلاد.
رابط دائم: