رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كل يوم
رحل بو تفليقة والحكم للتاريخ!

طويت مساء يوم الجمعة الماضى صفحة من أنصع صفحات التاريخ العربى فى العصر الحديث برحيل المناضل عبد العزيز بوتفليقة الذى لمع فى المشهد الجزائرى وصعد إلى الواجهة بسرعة فائقة رغم أنه لم يكن من مجموعة الـ 22 الذين فجروا زلزال استقلال الجزائر بثورتهم المليونية حيث استطاع بوتفليقة وهو فى سن السادسة والعشرين من عمره عام 1963 أن يحمل حقيبة وزارة الخارجية الجزائرية بعد عامين فقط من استقلال الجزائر مستندا إلى ثقة قائدى المسيرة فى هذه المرحلة وهما الرئيس الجزائرى أحمد بن بيلا ووزير الدفاع هوارى بومدين.

رحل عبد العزيز بوتفليقة المولود عام 1937 عن عمر يناهز 84 عاما ذاق خلالها طعم الانتصار ومرارة الانكسار مع تقلبات ومتغيرات المشهد السياسى الجزائرى المليء دائما بالفوران وعدم الثبات والاستقرار السياسى ولكن بوتفليقة حافظ على توهجه ولمعانه السياسى فى دول المهجر عندما خرج من المشهد السياسى مرات عديدة بنفس درجة توهجه ولمعانه السياسى وهو فى سدة الحكم سواء كوزير للخارجية أو كأطول رؤساء الجمهوريات بقاء فى الحكم حيث أمضى عشرين عاما فى سدة الحكم قبل أن يتحالف مرضه الشديد مع رياح الغضب التى ضربت الجزائر عام 2019.

إن سيرة المناضل بوتفليقة تحتاج إلى كتب ومجلدات للكشف عن خبايا وأسرار السياسة العربية بوجه عام وليس السياسة الجزائرية فقط خصوصا مع اتساع شبكة علاقاته الدولية والعربية التى لا أظن أن أحدا من نظرائه العرب فى جيله قد حظى بمثلها.

والذين تابعوا القمة العربية فى الخرطوم فى أغسطس عام 1967 وبعد ثلاثة أشهر فقط من نكسة يونيو 1967 يذكرون له حضوره القمة نائبا عن بومدين وموقفه الداعم لأى مسعى عربى يستعجل عودة هدير المدافع العربية إلى جبهات القتال ومقولته الشهيرة: إنه رغم أن الموقف الرسمى للجزائر ينتصر لحرب التحرير الشعبية كسبيل وحيد للتصدى للهجمة الصهيونية الإمبريالية ضد الأمة العربية فإن الجزائر لن تبخل بالمال أو الرجال لدعم روح القتال العربية بالصورة التى تلائم الدول المعنية وهى مصر والأردن وسوريا.

رحم الله زعيما عربيا اشتهر بعفة اللسان وحكمة الكلام وتجنب الانزلاق إلى الملاسنات والمكايدات التى غطت سماء السياسة العربية فى عديد من الفترات المصاحبة لتفجر الأزمات هنا أو هناك... ومهما اختلفت الآراء وتعددت الأحكام فإن الرجل مثل غيره من الحكام له ما له وعليه ما عليه لكنه فى البداية زعيم وطنى عروبى لحما ودما!

ولن يضير بوتفليقة ولن تهز مكانته فى نفوس الجزائريين والعرب تلك الكلمات الرخيصة المملوءة بالشماتة التى وردت على لسان حركة «حمس الإخوانية» فى الجزائر وأثارت استياء واسعا فى نفوس الجزائريين بما فيهم أشد خصومه السياسيين ولكن هذا هو شأن هذا التيار وهذا هو نهجه مع خصومه بعد رحيلهم ومثلما لم ينالوا شيئا من سمعة جمال عبد الناصر بعد رحيله لن تنجح سهامهم الجارحة فى النيل من بوتفليقة الذى عاصر التاريخ السياسى للجزائر وللعالم وكان منذ شبابه أحد صناع الأحداث كوزير للخارجية.

والحمد لله أن الجزائر ارتفعت إلى مستوى المسئولية وقررت دفن بوتفليقة فى مقبرة الزعماء التاريخيين مع سائر الرؤساء السابقين رغم أنف التيار المتطرف الذى عارض ذلك بحجة أنه تم خلعه عام 2019 بمسيرات احتجاجية عمت الجزائر.

خير الكلام:

<< الصوت الهادئ أقوى من الصراخ والتهذيب يهزم الوقاحة والتواضع يحطم الغرور!

[email protected]
لمزيد من مقالات مرسى عطا الله

رابط دائم: