جميل ورائع وفريضة قومية ووطنية وإنسانية ان توجد إستراتيجية لحقوق الإنسان جوهرها، كما أعلن الرئيس السيسى، ترسيخ حقوق المواطنة وحماية المساواة بين أبناء الوطن فى الحقوق والواجبات وإقامة قواعد راسخة للعدالة، وعدم التمييز واحترام كرامة المواطن وتوفير عوامل اطمئنانه وثقته فى الحاضر والمستقبل واحترام تعدد الآراء والاختلاف والاتفاق على أرضية وطنية وتوزيع عادل لنتائج التحديات والقرارات الاقتصادية الصعبة التى تحملها المصريون بصبر وشجاعة، واختيار أفضل الكفاءات والقدرات فى جميع المجالات لإقامة إدارة رشيدة ومسئولين يخضعون للثواب والعقاب ويؤمنون بأن دورهم الأول والاهم الوجود وسط المواطنين لحل مشكلاتهم وبما يطور ويستجيب سريعا لمعاناة المواطن ومطالبه والتصدى للفروق الفلكية فى الدخول وتوفير الدعم لجميع المحتاجين إليه. وإعادة الوجه الجميل والنظيف للقاهرة وسائر أنحاء الجمهورية وإيقاف التناقض فى التصريحات، فكيف نريد أن نعيد للقاهرة وجهها الأخضر ونحن نواصل اغتيال الاشجار اذا كان هذا جوهر إستراتيجية حقوق الانسان، فقد كان ومنذ سنوات جوهر ومحور ما كتبته من مقالات دفاعا عن الحقوق العادلة فى التعليم والصحة وحقوق المواطنة وفرص العمل واختيار القدرات وكان محورا لأغلب ما كتبه كتاب محبون لبلدهم عارفون بأهمية دعم والدفاع عن استحقاقات الملايين الذين يمثلون الظهير والأرصدة الشعبية لدولة 30/6، والذين لا تتوقف الإشادات بأدوارهم البطولية فى صمود بلدهم وعبوره ما مر به من ازمات وتحديات، ولكن الاشادات يجب ان تتحول الى مقومات حياة يستمتع بها الجميع وتؤكد أنهم شركاء أصلاء فى جنى ثمار النجاحات مثلما هم شركاء فى تحمل ظروفها الصعبة والانتباه إلى جراح عميقة وقديمة أرى أنها تهدد الآمال المعقودة على رد الاعتبار باستراتيجية حقوق الانسان وتحتاج قرارات وسياسات بل قوانين لعلاجها ورفع آثارها على حياة المصريين.
> هل هناك شك فى أن التعليم من اهم مقومات ترسيخ حقوق المواطنة والمساواة بين أبناء الوطن .. تؤرقنى وتفزعنى هذه الفروق الفلكية فى نوعيات التعليم وفى نفقاته وفى مستوياته ومصادره، من يصدق أنه حتى فى جامعاتنا الكبرى التى تخرج فيها ودون تفرقة فى أى ظروف او امكانات أفضل من أنجبت مصر ــ أذكر أننى فى جامعة القاهرة ومن أوائل الثانوية العامة كنا نتقاضى مكافآت شهرية محترمة ــ أقول من يصدق أنه أصبح فى جامعاتنا الكبرى تفرقة بين من يستطيع أن يدفع ومن لا يستطيع ... أفهم ولا أصدق ما ينشر عن نفقات بعض الجامعات الخاصة ولكنها تكشف ما تضخم من ثروات ورءوس اموال خاصة، ولكن كيف يكون فى رحاب جامعاتنا التى تمثل تاريخا وطنيا عظيما للتعليم الجامعى فى بلدنا أقسام بمصروفات .. أذكر ان .د. صلاح الغزالى عندما كان وكيلا لطب القاهرة رفض هذا المبدأ تماما، ولكن يبدو أن الأموال تفرض سطوتها حتى على ما يجب أن يكون التفوق سلاح تفوقه وتميزه، وبين من يجب ألا تكون بينهم تفرقة ويتمتعون بكرامة وعدالة العلم والاجتهاد وبما يحقق تطبيقا حقيقيا لحقوق الإنسان عليهم فى بلدهم، نشرت الأهرام الاحد الماضى 12 سبتمبر تحقيقا عن الساعات المعتمدة بالجامعات وأنها مواكبة للتطورات الدولية واحتياجات سوق العمل ـ وماذا عن تعليم الطلبة بلا مصروفات؟! وذكر التحقيق انها 100 ألف جنيه لطب القاهرة وان الأرقام تتراوح بمختلف الجامعات!! ملحوظة: أعلنت وزيرة الصحة الأسبوع الماضى أن مصر تعانى من نقص الأطباء ونسبة كبيرة منهم يعملون بالخارج ...
> وهل يتفق تطبيق إستراتيجية حقوق الإنسان مع ما نشاهده من فروق فى الدخول والرواتب وفرص العمل ومستوياته دون مراعاة للكفاءة والإمكانات، كيف يظل يشكو أبناء مهنة إنسانية بالغة الخطورة والتأثير فى المجتمع كالمعلمين والمعلمات دخولا بالغة التواضع ومعاشات أكثر تواضعا ومعاشات نقابة من اكبر النقابات فى مصادر دخلها وما يتقاضونه منها هو حصيلة ما اقتطع منهم طوال سنوات عملهم ومع ذلك لا تتجاوز 340 جنيها لا تنتظم النقابة فى دفعها كل ثلاثة أشهر.
> قمت بكتابة عشرات المقالات هذا العام والعام الماضى ونشرت نداءاتهم وما أرسلوه لى عن دخول واستثمارات نقابتهم وما تنتهى اليه سنوات عملهم من معاشات متواضعة لا تكافئ خطورة وأهمية دور المعلم والمعلمة فى التربية والتعليم، ولا توفر حاجات الحياة الأساسية كما تحكى لى أكثر من أستاذة فاضلة وهى تجد بالكاد نفقات علاجها، أثق ان كل صاحب ضمير فى مصر يدرك معاناتهم ولا يمكن ترسيخ مفهوم الكرامة وحقوق الإنسان، والمعلمون والمعلمات على رأس فئات عاملة ومنتجة ومكافحة طوال سنوات عمرها يعانون هذه المعاناة.
تساؤل آخر .. كيف يكون هناك توزيع لثمار التنمية بعدالة بينما يبدو ان لكل فئة فى المجتمع نظامها الخاص فى صرف هذه الثمار ... لا أعرف مدى صحة ما نشر ونحن فى زمن لا يتوقف فيه الخلط بين ما هو حقيقى وما هو شائعات خاصة على وسائل التواصل التى اصبحت فى مقدمة اسباب ما نعيشه من مشكلات فى الآونة الأخيرة والتى نسبت للقائم بعمل رئيس إحدى الجامعات توجيهاته بصرف 1800جنيه لجميع العاملين وقال إن ذلك يأتى فى ضوء توجيهات وزير التعليم العالى والبحث العلمى تنفيذا لقرار مجلس اداره صندوق تحسين أحوال العاملين بالجامعات المصرية فى اجتماعه الأخير فى أغسطس الماضى وهو الصندوق الذى يعمل على خدمة العاملين بالجامعات المصرية وتحسين أحوالهم وان مبلغ 1800 جنيه سيصرف للمثبتين والمؤقتين والمتعاقدين بقطاعى التعليم العالى والمستشفيات الجامعية.
> ماهى القواعد المنظمة لصرف أموال الصناديق الخاصة، وبمناسبة التعليم والتفوق ألم يقرأ وزير التعليم .د. طارق شوقى ما كتبته الاسبوع الماضى عن قصة نجاح وتفوق الدارسة والباحثة المصرية ياسمين يحيى مصطفى التى قدمها كبير معدى برامج التليفزيون عليوة الطوخى فى حلقة من حلقات مباشر من مصر وكيف اهتم العالم بأبحاثها ونتائج دراساتها وأصدر عنها كتابا طبع منه مليون ونصف المليون نسخة وكيف فازت بالمركز الأول على 2700 متنافس فى المعرض الدولى للعلوم والهندسة وما هى أسباب الشكوى والتراجعات التى حدثت لمدارس المتفوقين وخريجيها ؟!
> فور الانتهاء من كتابه هذه السطور تلقيت مكالمة من معلم فاضل يبلغنى بأن معاشات النقابة لشهر أغسطس الماضى لم تصرف رغم دخول سبتمبر .. كم يؤلم انه بعد رحلة كفاح فى التدريس تمتد لعشرات السنين يضطرون الى طلب الحصول على مثل هذه المعاشات بالغة التواضع من نقابتهم الغنية!
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: