كنا وفدا من الإعلاميين فى زيارة كوريا الجنوبية فى سول العاصمة.. وكان التوقيت شهر رمضان.. ومع أننا على سفر فقد قرر بعضنا أن يصوم.. جاء موعد الإفطار.. فجهزوا لنا وليمة فخيمة.. ثم وقف كبير الطهاة ممسكا قطعة من اللحم النيئ بالعصايتين اللتين تستخدمان كملعقة.. وقال كلمة ترحيب بالعبد الفقير إلى الله.. ثم بدأ يتقدم نحوى لكى يضع قطعة اللحم النيئ فى فمى مباشرة وسط تصفيق الحضور وتهليلهم.. فتسمرت من الدهشة.. واحترت كيف أتصرف الآن؟ وكيف أفطر على هذه الوجبة العجيبة؟.. أين التمر والخشاف يا ناس؟ وفجأة لمعت فى ذهنى فكرة جيدة.. فأخرجت الموبايل بسرعة وأدعيت أننى أتلقى مكالمة مهمة جدا.. واستاذنهم فى الخروج سريعا فتفهموا.. غبت فى خارج المطعم خمس دقائق وعدت لأجد الشيف واقفا فى انتظارى فخرجت مسرعا مرة ثانية ..تذكرت هذه الحكاية عندما قرأت أخيرا عن جائزة دولية منحت لدراسة حول امكانية استخدام الموبايل كوسيلة للتخلص من المواقف المحرجة.. فتملكنى شعور بأننى كنت مبتكرا دون أن أدري..ثم زادت دهشتى عندما.. قرأت أيضا أخبارا عن جائزة علم الأحياء هذه السنة التى فازت بها الباحثة السويدية سوزان شوتز ونالتها عن اكتشاف وتحليل الاختلافات فى أصوات القطط فى أثناء التواصل مع البشر فى أثناء الضحك والطخطخة.. وفى أثناء الكلام والنونوة.. أما جائزة الكيمياء فذهبت إلى فريق من الباحثين من ألمانيا وبريطانيا ونيوزيلندا استخدموا التحليل الكيميائى لاختبار ما إذا كانت الروائح الجسدية المنبعثة عن جمهور دور السينما، يمكن استخدامها لتتبع حوادث العنف والاعتداء الجنسى وتعاطى المخدرات.. تلك هى جوائز آى جى نوبل 2021 والتى تكرّم أصحاب الاختراعات السخيفة والتى تمنحها مجلة علوم عالمية تتضمن اختراعات وأبحاثا غريبة منها الإنجازات المضحكة والغريبة، وفى كثير من الأحيان غير المفيدة أو غير العملية، إلا أنها قائمة على العلم لإثبات صحتها من عدمها.
أما جائزة علوم البيئة فذهبت لفريق من الباحثين الإسبان والإيرانيين، الذين استخدموا التحليل الجينى لمقارنة الأنواع المختلفة من البكتيريا الموجودة على العلكة «اللبانة»، المستخرجة من الطرقات فى بلدان مختلفة، قرأت ماسبق من اختراعات ودراسات عجائبية وتساءلت أين الاختراعات العظيمة التى غيرت العالم زمان؟
العلماء يقولون إن أشهرها هو.. الكتابة.. والكهرباء.. السفن.. والساعة.. والوقود.. بينما قال خبراء آخرون إن اختراع الصفر وتطويره على يد الخوارزمى هو أهم اختراع بشري.. ذلك هو الرقم الذى لا يعتبر سالبا ولا موجبا، فلولاه ماكان النظام الثنائى المكون من الواحد والصفر .. ولما أمكن تطوير العلوم والتكنولوجيا ولما وصلنا إلى الثورة الرقمية .. .. بينما يرى غيرهم أن أهم الاختراعات هى ثورة علوم الفضاء والاتصالات ..وسوف تدهشك بعض الاستفتاءات التى أجمع المشاركون فيها على أن السيفون هو أهم اختراع فلولاه لانعدمت النظافة وانتشرت الأمراض.. ولما تمكن البشر من بناء ناطحات السحاب فمن غير المعقول أن ينزل الناس مائة طابق أو أكثر لقضاء الحاجة.. إذن فلولا السيفون لاستحالت الحداثة.
عودة إلى جوائز الاختراعات السخيفة.. فقد نال بافلو بلافاتسكى الجائزة عن فئة الاقتصاد، وذلك بفضل دراسة ربطت بين بدانة السياسيين والفساد المستشرى فى الدولة التى يوجد بها. وبالنسبة لجائزة السلام، فقد منحت لفريق من الباحثين الأمريكيين اختبروا الفرضية القائلة بأن البشر طوروا لحاهم لحماية أنفسهم من اللكمات على الوجه.. ومن العجائب كذلك أنه فى عام 2003 منحت جائزة الاقتصاد لدولة ليختنشتاين لقرارها الجرىء (تأجير كامل الدولة لمدة سنة لأى شركة قادرة على الدفع) فى الحقيقة هذه النوعية من الاختراعات الغرائبية لاتعليق يناسبها سوى صيحة الممثل القدير غسان مطر.. اختراع يا كوتش..
لمزيد من مقالات د. جمال الشاعر رابط دائم: