بعد عشرين عامًا من أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001م، وبعد احتلال دام عشرين عامًا إلا قليلاً (عدة أسابيع)، رحل المحتل الأمريكى، تحت ضغط المقاومة الشعبية الأفغانية، وتحت ضغط التكلفة المادية التى بلغت تريليون دولار حسبما أعلن الرئيس الأمريكى (جو بايدن)، لتعود ما يمكن تسميته بـ المسألة الأفغانية، مرة أخرى إلى المشهد الدولى!!. والسؤال: كيف عادت هذه المسألة بعد عشرين عامًا، وكأن الزمن لم يتحرك خلالها؟! ويمكن رصد مشاهد التطور والعودة إلى المسرح الدولى لهذه الأزمة، فيما يلي:- أن أحداث 11 سبتمبر، وهى محل بحث وشكوك حول من صنعها، كانت مقدمة لقيام أمريكا بغزو أفغانستان بحجة أن حركة طالبان رفضت تسليم أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة على حد قول أمريكا الرسمية، وأن حركة طالبان وصفتها أمريكا فى عهد بوش الابن، بأنها منظمة إرهابية، رغم أنها كانت فى الحكم من (1995 – 2001م)!!. وبسيطرة أمريكا التى كانت تدك الجبال دكًا، للسيطرة على العاصمة (كابول)، بوهم أنها سيطرت على، بل احتلت، أفغانستان!! وكان لأمريكا ما أرادت وسعت إليه باحتلال أفغانستان والوجود فى قلب آسيا، وعلى مقربة من أكبر ثلاث قوى (الصين ـ روسيا ـ الهند). كان الخطاب الأمريكى الرسمى هو محاربة الإرهاب والقضاء عليه، وفى المقدمة القضاء على حركة طالبان، بعد أن تم إخراجها من الحكم، وإحلال نظام آخر مكانها، وإجراء انتخابات وهمية، ليصبح كرزاى، رئيسًا لأفغانستان، بينما خرجت إلى الجبال لتعتصم بها، وتقود المقاومة ضد المحتل الأمريكي. واستمر الوجود الأمريكى ليحل محل كرزاى، بعد أن قضى دورتين رئيسًا، ليحل محله أشرف غنى الذى لم يكمل دورتيه رئيسًا، قبل تطور الأحداث، وهروبه خارج أفغانستان!. انتقلت الولايات المتحدة، لاحتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين، بزعم الحرب على الإرهاب، وأن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل، وتخشى استخدامه لها، وبالتأكيد ضد أهداف أمريكية وضد الكيان الصهيونى، واتضح بعد الاحتلال والإسقاط والتدمير والنهب للثروات، أن ذلك كله كان من الخيال، وثبت عدم امتلاك العراق/ صدام حسين، أيًا من هذه الأسلحة الفتاكة، وباعتراف (بلير) ـ رئيس وزراء بريطانيا وشريك بوش الابن، فى جرائمه الوحشية فى العراق، وفى أفغانستان طوال عشرين عامًا.
أعلنت أمريكا عن إنشاء التحالف الدولى ضد الإرهاب عام 2014م، لتؤكد سيطرتها ووجودها فى الإقليم العربى فى العراق وسوريا، امتدادًا للثورات العربية التى اندلعت فى المنطقة، وتسعى لمواجهة داعش، والنصرة....الخ، وكلها تنظيمات من صنعها، وبأسماء حركية تنفيذًا لاستراتيجية أمريكا باستمرار الهيمنة على العالم، مع اشتداد المقاومة الأفغانية، التى تذكرنا بفيتنام بين (1965 – 1975م)، اضطرت أمريكا للإعلان عن الانسحاب التدريجى، الذى تحول فجأة إلى خطوات متسارعة وصف بالهروب الجماعى لأمريكا وعملائها من أفغانستان، بعد أن دخلت طالبان، العاصمة كابول، والتى سبق أن أخرجتها منها القوات الأمريكية فى عام 2001م، وكأن شيئًا لم يكن!. وقد كانت الصورة التى بثتها القنوات الأمريكية والتابعة، تصور لحظات الهروب لتؤكد أن أمريكا خرجت مجبرة وليست برغبتها أو بالاتفاق مع (طالبان)، حيث سيتفجر السؤال: ولماذا دخلت أمريكا أفغانستان أصلاً، واحتلتها طوال (20) سنة، تم تسلم الدولة الأفغانية، لطالبان! لذلك فالإدارة الأمريكية أعلنت فشلها الذريع بعد عشرين سنة احتلالا، ونفقات تصل رسميًا إلى تريليون دولار (ألف مليار)، وفى التقديرات الأخرى (3) تريليونات!! ولم يتحقق هدفها فى مقاومة الإرهاب والقضاء عليه، والدليل، عودة حركة طالبان المستهدفة أمريكيًا والتى أجبرت على الخروج من الحكم رسميًا، لتحكم أفغانستان مرة أخري!. والآن يراقب العالم عودة المسألة الأفغانية للمسرح الدولى، وسط تحليلات مختلفة الاتجاهات، وتعود معها حركة طالبان التى أعلنت سيطرتها الكاملة على البلاد، وسيطرتها على (85%) من الأسلحة الأمريكية وهى الأحدث فى الترسانة العسكرية!!، وتعلن عن تشكيل حكومتها المؤقتة بالكامل، يوم 11 سبتمبر 2021م، أليست فى تلك المواعيد معانى ألغاز؟! الأمر المؤكد أن المسألة الأفغانية، قد عادت لتستمر معنا فترة إلى حين كشف ما وراء ذلك من ألغاز لم يكشف النقاب عنها بعد. وذلك فى الذكرى العشرين لأحداث 11 سبتمبر الغامضة حتى الآن!.
لمزيد من مقالات د. جمال زهران رابط دائم: