رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى ذكرى رحيله الـ 90:
عـمر المخـتار..أســطورة الزمـان

كتب ــ محمد جلال الدين
> عمر المختار لحظة وقوعه فى الأسر وحوله القادة الإيطاليون > أرشيف معلومات الأهرام

تشابهه الوثيق مع ملامح عمر المختار شجع المخرج السورى مصطفى العقاد على اختيار أنتونى كوين، الممثل الأمريكى المكسيكى، لتجسيد شخصية الزعيم الليبى الكبير ضمن أحداث فيلم «أسد الصحراء» 1981. ولكن أداء دور المختار (1858-1931) كان يتطلب أكثر من مجرد تشابه شكلى.. فقد كان يتطلب دراسة وافية من كوين ( 1915-2001) لسيرة ومسيرة المختار الذى بات رمزا لمقاومة الشعب الليبى ضد الاحتلال الإيطالى.

> أنتونى كوين أبدع فى دور عمر المختار

واجتهد كوين من أجل إعداد نفسه لأداء ذلك الدور الفارق، فقام، كما يحكى السياسى الليبى أحمد قذاف الدم، فى كتابه الصادر قبل أربعة أعوام بعنوان «قذاف الدم يتحدث.. نصف قرن مع القذافى» كيف التزم كوين بزيارة قرى ونجوع ليبية، وكيف اختلط بالبدو فى هذه المناطق، فتعلم منهم كيف يكون امتطاء الفرس كعربى، وكيف يتم ارتداء العباءة وكيف تتم خطوات الوضوء. وقبل ذلك كله، تعلم الكثير عن سيرة «المختار». ولد عمر المختار فى 20 أغسطس 1858، فقد والده صغيرا، ولكن بعد أن كان الوالد قد وجهه إلى طريقه بدراسة القرآن الكريم فى زاوية قريته. تدريجيا، وإثر اجتهاده وسعيه وراء العلم والتعلم، حصد عمر انتباه شيوخه فى «الحركة السنوسية»، نسبة إلى محمد بن على السنوسى مؤسس الحركة الإصلاحية لأول مرة عام 1837. وكان نبوغه سببا لنيله مرتبة مرافقة الشيخ محمد مهدى السنوسى، نجل مؤسس الحركة السنوسية، فى أسفاره، ثم نال لقب «سيدى» التشريفى إثر عودته وتوليه المسئولية ببلدة «زاوية القصور» بمنطقة «الجبل الأخضر» عام 1897.

وجاء عام 1911 بتحول فارق إثر إعلان إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، وكانت ليبيا تتبع الأخيرة فأنزلت قواتها فى «بنى غازى» الساحلية، شمال برقة.. وقتها تحول عمر المختار من معلم يحفظ آيات القرآن الكريم ويلقن أحكام تجويده، إلى مقاتل يدافع عن بلاده من سطوة الاحتلال. واستغل المختار خبرته الوافية بجغرافيا الصحراء الليبية ليوجه ضربات سريعة قاصمة لنقاط ارتكاز العسكر الإيطاليين. ولعل خبرته بدروب الصحراء ومسالكها كانت سببا رئيسيا فى تلقيبه بـ «أسد الصحراء».

تكررت معارك «الكر والفر» بين المختار ورجاله من جانب والمحتل الإيطالى من جانب آخر طوال عقدين من الزمان. فكانت سببا فى إصابة الطليان بالذهول، وإحراجهم أمام الرأى العام فى بلادهم.

وعن الثمن الذى سدده المختار نظير زعامته ودوره المحورى، يحكى نجله، محمد، فى شهادته التى نشرتها الأهرام بتاريخ الثامن من مارس 2011، بعضا مما ضحى به والده، فيقول: «كان الطليان يقومون بمراقبتنا بوصفنا عائلة عمر المختار، إلا أن أبى كلف مجموعة من المجاهدين لحراستنا. أما هو فكان يزورنا بشكل متقطع ولفترة قصيرة للاطمئنان علينا، ثم سافرنا إلى مصر بناء على رغبة والدى.. وعشنا فى مصر 18 عاما»، موضحا انتقالهم بين أكثر من موقع، من بينها الإسكندرية، حيث كان محمد طالبا هناك بمدرسة لليبيين.

ولكن بينما كان محمد المختار يعكف على دروسه كانت النهاية تقترب من والده الذى أسقطه القائد الإيطالى القادم حديثا إلى أراضى ليبيا لتخليص إيطاليا من عقدة المقاومة الليبية، ردولفو جراتسيانى (1882 - 1955). فقد نجح جراتسيانى بعد مرحلة من التفاوض والاتفاق وخرق العهود من الجانب الإيطالى فى إسقاط المختار أسيرا نهايات عام 1931. وبعد خمسة أيام من إلقاء القبض عليه، جرت فيها وقائع محكمة صورية، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق «أسد الصحراء» فى 16 سبتمبر 1931.

ورغم أنه كان مطارده وجلاده، إلا أن جراتسيانى يعترف بعظمة قدر المختار فى مذكراته، فيقول: «هذا الرجل أسطورة الزمان الذى نجا آلاف المرات من الموت، واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام.

وكان المنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة». كان «الصبر» الذى تحدث عنه جراتسيانى زاد المختار أمام «حبل المشنقة» عندما قال عبارته الشهيرة «لن نستسلم.. ننتصر أو نموت.. هذه ليست النهاية بل عليكم أن تحاربوا الأجيال القادمة، أما أنا فعمرى سيكون أطول من عمر شانقى». وبالفعل ظل المختار ماثلا فى أذهان أهالى ليبيا والمنطقة العربية، ولعل كوين وأصحاب فيلمه قد لمحوه يتنقل مبتسما واثقا بين كثوب الصحراء الليبية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق