رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ستيفانى سافيل مديرة مشروع «ثمن الحرب» لـ «الأهرام»:
20 عاما من مكافحة الإرهاب أدت إلى تآكل الديمقراطية الأمريكية

منال لطفي
> مشهد من انسحاب القوات الأمريكية من افغانستان

  • نسعى لدراسة آثار الدمار على البنية التحتية ونظام الصرف ونظافة المياه وليس فقط أعداد الضحايا
  • حروب أمريكا فى العقدين الماضيين تم تمويلها بالديون والقروض
  • انتحار ٣٠ ألف  جندى بسبب مشكلات نفسية مقابل مقتل 7 آلاف خلال العمليات العسكرية منذ 11 سبتمبر

إذا أردت أن ترسم فى ذهنك صورة للتكلفة المالية للحرب على الإرهاب منذ 11 سبتمبر 2001، فتخيل أن تكلفة الحرب على الإرهاب، التى وصلت إلى ٨ تريليون دولار حتى الآن فى دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا وباكستان والصومال واليمن، إذا وضعتها دولاراً فوق دولار فسوف تصل بك للفضاء الخارجي. فى الواقع أول تريليون دولار إذا راكمتها سيبلغ ارتفاعها 67 ميلا، أى أبعد بكثير مما ذهب إليه إيلون ماسك فى صاروخه للفضاء الخارجى قبل بضعة أشهر. هذه الصور الذهنية الصادمة هى ما تحاول ستيفانى سافيل، المديرة المشاركة فى مشروع «تكلفة الحرب» فى جامعة براون الأمريكية وزملاؤها، تكريسه فى أذهان الأمريكيين والمجتمع الدولى حول تكلفة الحرب. ومن المؤكد أنها نجحت فى مهمتها، فالرئيس الأمريكى جو بايدن، استشهد فى كلمته للأمريكيين لإعلان نهاية الحرب فى أفغانستان، بالأرقام التى توصل إليها مشروع «تكلفة الحرب» وليس بأرقام وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» ، موضحا:«بعد أن تم إنفاق أكثر من 2 تريليون دولار على الحرب فى أفغانستان، قدر باحثو جامعة براون، أن هذا يعنى إنفاق ما يزيد عن 300 مليون دولار يومياً لمدة 20 عاماً». وفى حوار حصرى مع «الأهرام» تقول ستيفانى سافيل، عالمة أنثروبولوجيا العسكرة والأمن فى جامعة براون الأمريكية، والمديرة المشاركة فى مشروع «تكلفة الحرب»، إن رقمى الـ 2 تريليون دولار كتكلفة للحرب فى أفغانستان، والـ 300 مليون دولار يومياً لمدة 20 عاماً، أخذهما الرئيس بايدن من تقييمات مشروعهم لتكلفة الحرب، وليس من الأرقام الرسمية للبنتاجون، التى تقدر تكلفة الحرب فى أفغانستان بتريليون دولار، أى أقل بنحو50 % من تقديرات فريق باحثى «تكلفة الحرب» فى جامعة براون. وترى سافيل أن مجرد ذكر رقم الـ 2 تريليون دولارفى خطاب رسمى وعلى لسان الرئيس الأمريكى نفسه يعتبر «انتصارا كبيرا» لعملهم، موضحة أن هدف مشروع «تكلفة الحرب» كان منذ البداية، تغيير النقاش العام فى أمريكا، وعدم القبول بالأرقام الرسمية كمسلمات، لأن هناك قصة أكبر فى مسألة الحرب على الإرهاب تحتاج إلى السرد. هذه القصة لا تتعلق فقط بالتكلفة المادية الفادحة، وانما بتكلفة إنسانية أكثر فداحة، حيث قتل كنتيجة مباشرة لحروب ما بعد 11 سبتمبر نحو مليون شخص، وشرد 38 مليونا آخرون. أما البقعة الجغرافية التى شهدت معارك الحرب على الإرهاب، فلم تقتصر على أفغانستان والعراق والصومال وسوريا وباكستان، بل تمتد فى الواقع لـ 85 دولة، من بينها اليمن وليبيا ومالى والنيجر وكينيا والفلبين، ضمن عشرات الدول الأخرى. والدول التى عانت أكثر من غيرها فى الحروب الأمريكية على الإرهاب، كانت العراق وأفغانستان وسوريا واليمن، لكن هذه المعاناة من المستحيل تحويلها لأرقام فيما يتعلق بالتكلفة البشرية والمادية. فأى أعداد تقديرية ستكون بالتأكيد أقل من الأعداد الحقيقية. فإحصاء عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم نتيجة الصواريخ والقنابل والرصاص والعربات المفخخة والعنف الطائفي، لا يشمل كما تقول ستيفانى سافيل، كل الآثار الارتدادية للحرب. ففى العراق وسوريا واليمن وأفغانستان، فقد السكان مجتمعاتهم، ووظائفهم، ولم تعد لديهم وسيلة لكسب لقمة العيش، وبالتالى بدأت موجات الفرار والنزوح الجماعي. ولأنه فى كثير من الأحيان يكون من ضمن تكتيك الحرب، قصف البنية التحتية مثل أنظمة الصرف الصحي، ومنشآت معالجة المياه، والمستشفيات، والطرق والجسور، فإن أنظمة الصرف الصحى ومنشآت معالجة المياه وأنظمة الرعاية الصحية فى العراق واليمن وأفغانستان، دمرت بشكل كبير. وعلى مدار سنوات توفى مئات الآلاف، ليس بسبب قصف صاروخى أو عربات مفخخة، وانما بسبب تلوث المياه، وقلة الطعام، وانعدام الرعاية الصحية. لذلك قدرت الأمم المتحدة، أنه مقابل كل حالة وفاة مباشرة فى حروب ما بعد 11 سبتمبر، هناك ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم بشكل غير مباشر نتيجة الحرب. أى أن الرقم الأكثر واقعية لضحايا الحرب على الإرهاب، هو نحو مليونين و787 ألف شخص.

وفيما يلى نص الحوار:

> ستيفانى سافيل

اقتبس الرئيس الأمريكى جو بايدن من نتائج المشروع البحثى الذن تشرفين عليه.. «تكلفة الحرب»، لدعم حجته لإنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى أفغانستان.

لماذا اقتبس أرقامك وليس أرقام البنتاجون؟ وكيف تشعرين والرئيس دعم من قبل الحرب فى العراق وسوريا وليبيا؟

نعم استشهد الرئيس بايدن بالأرقام التى توصلنا اليها، لأن البنتاجون يقدر تكلفة الحرب فى أفغانستان بنحو تريليون دولار، لكن نحن نقول إنه يجب أن ننظر نظرة أوسع حتى إذا كنا سنتحدث فقط عن التكاليف الاقتصادية للحرب، ناهيك عن التكلفة البشرية، لأننا يجب أن نفكر فى حقيقة أن هناك نفقات إضافية. بعبارة أخرى، علينا ألا ننظر فقط إلى ما يسميه البنتاجون ميزانية الحرب لعمليات الطوارئ الخارجية، علينا أن نتعمق أكثر فى تكاليف الحرب مثل الرعاية الطبية لقدامى المحاربين الأمريكيين بعدما يعودون من جبهات المعارك. كما يجب أن نحسب فوائد الديون. فالحروب السابقة كانت تمول من زيادة الضرائب، لكن معارك الحرب على الإرهاب منذ 11 سبتمبر، يتم تمويلها من خلال الاقتراض والديون، ونحن مدينون بفوائد على تلك الديون، ولذا نضيف تلك الفوائد لتكلفة الحرب. هناك أيضا تكاليف للأمن الداخلى لمنع هجمات إرهابية على الأراضى الأمريكية. أيضاً علينا التفكير فى حقيقة أن الحرب أدت إلى زيادة الميزانية السنوية للبنتاجون التى تزيد عن 700 مليار دولار سنوياً الآن. لذلك قال بايدن إن هناك مجموعة بحثية فى جامعة براون تقول إن تكلفة حرب أفغانستان هى 2 تريليون دولار (فى الواقع نحن نقول إن التكلفة هى 2.3 تريليون دولار). وبالنسبة لنا، نحن سعداء للغاية لأن بايدن استشهد برقمنا، لأنه مؤشر على أن هذه الحروب كلفت أكثر من تقديرات البنتاجون. ونعم، لدى بايدن سجل مختلط فيما يتعلق بدعمه الحرب على العراق أو أفغانستان أو سوريا، لكنه يتخذ القرار الصحيح بإنهاء التدخل العسكرى الأمريكى فى أفغانستان. إنها خطوة أولى، وهناك الكثير الذى يتعين القيام به لإنهاء التدخل العسكرى الأمريكى فى أفغانستان، وأجزاء أخرى من العالم.

كيف جاءت الفكرة لتبنى هذا النهج الشامل عند النظر إلى التكلفة الحقيقية للحرب؟

مشروع «تكلفة الحرب» دشنته الدكتورة كاثرين لوتز، والدكتورة نيتا كروفورد، وكلاهما لاتزالان مديرتين مشاركتين فى المشروع. أنا المديرة المشاركة الثالثة منذ 2016. وقد تأسس المشروع منذ 10 سنوات لسد الفجوة فى التغطية الإعلامية، وخاصة التغطية الإعلامية الأمريكية للحروب. فهناك نقاش محدود وفقير للغاية فى التغطية الإعلامية الأمريكية، حول التكلفة الحقيقية للحروب، وأردنا تقديم رؤية أوسع. والهدف من المشروع هو دفع الرأى العام الأمريكى وصانعى القرار إلى طرح أسئلة كبيرة وصعبة، حول ما إذا كانت هذه التكاليف الباهظة للحرب تستحق أن تدفع؟ وما هى الخيارات الأخرى المتاحة؟ لأنه لا يوجد ما يكفى من التساؤلات حول جدوى هذه الحروب. وعملنا يلقى الضوء على الجوانب الخفية التى لا تُغطى بشكل فعال. نحن لا نصدر تقريرا واحدا فى العام، بل كثيرا من التقارير، وكثيرا من الأوراق، حول العديد من العناصر المختلفة للحرب، من الاقتصادية، إلى البشرية والاجتماعية، والسياسية، والبيئية.

فى التقرير أرقام مروعة حول الخسائر البشرية وعدد النازحين وحجم العمليات الامريكية لمكافحة الإرهاب. كيف توصلت أنت وفريقك إلى هذه الأرقام؟

هذا صحيح، نحن نقدر التكلفة البشرية بأكثر من 929 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، والنازحون بحوالى 38 مليونًا، فى حين أن أنشطة مكافحة الإرهاب الأمريكية تشمل أكثر من 85 دولة تقريبًا. كنت الباحث الرئيسى وراء هذا التقرير عن الـ 85 دولة التى بها أنشطة عسكرية أمريكية. لقد بدأت الأمر وأنا أقول لنفسي: حسنًا سيكون هذا واضحا جدا، هناك ربما 7 أو 8 دول. ستكون لدينا أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا، وربما ليبيا واليمن الصومال. وهذه الدول هى بالتأكيد المناطق التى تواجه عمليات متواصلة فى إطار الحرب على الإرهاب، مثل الضربات الجوية والغارات. لكن الخريطة توسعت وتوسعت. أعتقد أن الأمر مثل الأخطبوط، مثل مخالب تمتد فى جميع أنحاء العالم. أما الأنشطة فتتراوح بين الحرب النشطة على المتطرفين والمتشددين إلى التدريب والمساعدة.

وما فعلناه هو، قيام فريق البحث الخاص بى بجمع مجموعة من مصادر الحكومة الأمريكية والصحافة الاستقصائية. لا تتمتع الحكومة دائما بالشفافية الكاملة فيما يتعلق بأنشطة مكافحة الإرهاب. وفى كثير من الأحيان، تكون الطريقة الوحيدة التى نعرف بها المعلومات، عندما يحدث شيء فظيع، مثل مقتل أحد أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية، ثم يذهب مراسل صحفى للتحقيق. كما حدث فى كينيا على سبيل المثال العام الماضى فى 2020، عندما اندلعت معركة بالأسلحة النارية بين أعضاء من «حركة الشباب» وقاعدة عسكرية أمريكية فى مطار «ماندا باي» بكينيا، حيث قتل جندى أمريكى إلى جانب اثنين من المتعاقدين الأمريكيين اللذين قُتلا أيضًا. بعد ذلك، اكتشفت وسائل الإعلام الأمريكية، أن هناك عمليات عسكرية أمريكية فى كينيا فى إطار الحرب على الإرهاب، ونشرت عن الموضوع. هذا هو نوع الطرق التى نجمع بها المعلومات. الغالبية العظمى من الـ 85 دولة، فى 79 دولة تقريباً، تقوم الولايات المتحدة بالتدريب والمساعدة فى مكافحة الإرهاب، وتبدو هذه مسألة غير ضارة فى البداية، لكن فى حالات تأتى بنتائج عكسية، وتكون وسيلة للتجنيد فى الجماعات المتطرفة.

فى أعمالكم البحثية توضحون أن العدد الفعلى لضحايا الحرب على الإرهاب أعلى بكثير من تقدير الـ 929 ألف قتيل. قبل عدة أشهر فتحت السلطات فى اسكتلندا تحقيقا حول انتحار عدد متزايد من اللاجئين الشباب من أفغانستان والصومال بسبب صعوبة التكيف مع الحياة فى بريطانيا. أليس هذا تأكيدًا لوجهة نظرك بأنه من الصعب جدا حساب عدد الضحايا المدنيين للحروب؟

هذه قصة مروعة جداً وهناك العديد من القصص المأساوية من هذا القبيل. إنها الآثار الارتدادية للحرب، والتى سيشعر بها الناس لعقود قادمة، لأن المدنيين الذين يعيشون فى مناطق الحرب، هم فى الحقيقة الذين يتحملون وطأة الحروب التى تقودها الولايات المتحدة. هذه هى الأماكن التى تتسبب فيها الحروب بأكبر قدر من الدمار. وللأسف، لا يدرك الأمريكيون ذلك دائماً، لأنه بينما يركز البنتاجون على الضحايا من أفراد الجيش الأمريكي، نستخدم نحن مصادر من الأمم المتحدة حول أرقام الضحايا المدنيين، إضافة إلى مصادر متنوعة منها الإعلام والمنظمات الحقوقية. لذا فإن الأمر يتعلق بجمع الأرقام من مصادر مختلفة واستخدام التواريخ الصحيحة، للوقوف على صورة أقرب للواقع، فهناك حافز سياسى كبير لدى البنتاجون لتقليل عدد الضحايا المدنيين.

ألمحت الإدارة الأمريكية إلى أنها لن تنشر جنوداً على الأرض فى المستقبل، وستستخدم الضربات الجراحية بالطائرات المسيرة فى حربها ضد الإرهاب، هل هذا يشعرك بالارتياح؟

لا أشعر بالارتياح على الإطلاق، إنه أمر مروع. إن التركيز على استراتيجية استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار، أمر مروع لأنها طريقة لتقليل حجم الخسائر وسط الجنود الأمريكيين، لكن تأثير هجماتها على المدنيين فى جميع أنحاء العالم أمر مروع، فقد قتلت الهجمات بالطائرات المسيرة، مدنيين فى أفغانستان والصومال واليمن ومناطق أخرى. وكما قلت، فإنها تأتى بنتائج عكسية، لأن هذا النوع من العنف يقود الناس إلى الانضمام إلى الجماعات المسلحة. لذلك هذا ما أتحدث عنه عندما أقول، إننا بحاجة إلى الاستمرار فى مساءلة الحكومة الأمريكية، لأن المشكلة ليست فى الطائرات المسيرة، بل جميع أنواع العمليات الغامضة التى يدفع المدنيون ثمناً لها. فالخروج من أفغانستان لا يعنى نهاية الحرب على الإرهاب، وكما تعلمون، تقوم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بتدريب وتجهيز ميليشيات مسلحة لمواصلة محاربة داعش فى أفغانستان. كما أن هناك الشركات الدفاعية المتعاقدة مع الحكومة التى لا تزال على الأرض.

تتحدثين فى عملك عن التأثير الدائم للحروب على العلاقات بين الأعراق والطوائف فى الدول التى عانت من الحرب على الإرهاب، وتأثير القصف على البنية التحتية مثل المياه النظيفة والصرف الصحى والمستشفيات فى دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا. فكيف أثرت 20 عاماً من الحرب على المجتمعات المحلية فى الشرق الأوسط؟

من الصعب معرفة التأثير الكامل لعشرين عاما من الحرب على الإرهاب، على دول مثل العراق أو أفغانستان. أعتقد أن هناك أشخاصا يضغطون من أجل تشكيل لجان، مثل لجان الحقيقة والتعويضات، لكن للأسف هناك كثير من التبذير والاحتيال فى هذه العمليات. أنا شخصياً أعتقد أن الولايات المتحدة تتحمل مسئولية كبيرة للبدء فى معالجة وإصلاح بعض الأضرار التى لحقت بهذه الدول. لكننى لست فى موضع المسئولية. أتمنى أن يتحمل سياسيونا هذه المسئولية، ولكنى لست متفائلة.

تحدثت عن الزيادة الهائلة فى ميزانية البنتاجون منذ الحرب على الإرهاب، فى الوقت نفسه هناك نقص فى تمويل مشروعات البنية التحتية فى أمريكا، وتراجع الإنفاق على التعليم والخدمات الصحية والتوظيف.. هل تعتقدين أن هذا ساهم فى صعود الأفكار الانعزالية واليمينية المتطرفة فى أمريكا؟ وهل تعتقدين أن هناك

علاقة بين حال الديمقراطية الأمريكية والتدخل الأجنبى العسكري؟

بالتأكيد وأعتقد أن هذه رؤية جيدة ولا يدركها معظم الأمريكيين. فحالة الحرب على الارهاب على مدار العشرين عاما الماضية، أدت إلى تآكل الديمقراطية الأمريكية ومنعت الولايات المتحدة كما تقولين، من الاستثمار فى الأولويات الداخلية التى من شأنها تحسين حياة الأمريكيين. يتم إنفاق أكثر من 50 ٪ من الميزانية التقديرية الفيدرالية كل عام، على النفقات العسكرية، وهذا فى تزايد. لذلك، فهى تضغط على الإنفاق الفيدرالى فى كل شيء آخر. أيضاِ بسبب إرث الحرب على الإرهاب، هناك زيادة هائلة فى المراقبة الجماعية للأمريكيين، وزيادة في»عسكرة الشرطة» لأن كثيرا من الجنود الذين عادوا إلى البلاد باتوا يعملون فى الشرطة. أيضا الحروب على الإرهاب بعد 11 سبتمبر، عززت التوجهات العنصرية، وباتت منتشرة للغاية، وتتجسد فى التمييز ضد السود والمسلمين. لذا، فإن حرب العشرين عاما ضد الإرهاب، كانت سيئة حقًا للأمريكيين وللديمقراطية الأمريكية، لكن معظم الأمريكيين لا يدركون ذلك.

من أهداف عملك توعية الرأى العام الأمريكى بتكلفة الحروب وثمن التدخل. فهل تلاحظين أى تغيير فى موقف الأمريكى العادى من التدخلات العسكرية الخارجية؟

ما يشجعنى هو أن استطلاعات الرأى بين الشباب فى أمريكا، تظهر أنهم لا يوافقون على تدخل عسكرى عدوانى فى الخارج، أو ما يسميه الناس الحروب الأبدية. غالبية الجمهور الأمريكى لا يؤيد الحرب. لذا أعتقد أن أفضل أمل لنا هو تثقيف الناس، وهذا ما نحاول القيام به، لدفع الناس للتفكير بشكل نقدى فى عسكرة السياسة، وآمل أن يتمكن هذا الجيل الشاب من تغيير التوجهات. لكننى لست متفائلة جداً، لأننى أعتقد أن هناك كثيرا من المصالح التجارية فى الحفاظ على الوضع القائم. مثلاً لوبى شركات إنتاج الأسلحة يضغط على الحكومة الأمريكية. وهناك كثير من الحوافز لأعضاء الكونجرس للأسف للحفاظ على الوضع الراهن. لكن هناك أيضاً حركة سلام كبيرة جداً فى أمريكا وهناك شريحة كبيرة جداً من السكان، تعارض هذا النوع من السياسة الخارجية وآمل حقًا أن نتمكن من اكتساب المزيد من النفوذ فى السنوات المقبلة.

قصص رعب لا تحصى

تقول ستيفانى سافيل إن إحدى «الخرافات الكبرى» فى أمريكا هى التركيز على الجنود الأمريكيين الذين يموتون، وكأن هذا هو كل تكلفة الحرب «لكن ما تعنيه الحرب حقًا هو أن المدنيين فى مناطق النزاع يموتون أو يعيشون معاناة لا تنتهي، يعيشون مع الصدمات لبقية حياتهم. نساء فى مناطق الحرب يتعرضن للإجهاض، وأطفال يعانون من عيوب خلقية بسبب التلوث البيئي، وسيدات تعانين من صدمة فقد أزواجهن وأطفالهن الذكور بعدما أصبحوا مدمنين على المخدرات أو يعانون مشاكل نفسية. هذا كله تأثيرات ارتدادية للحرب، لا تعد ولا تحصى. فخلال حروب ما بعد 11 سبتمبر، لقى 387 ألف مدنى مصرعهم فى هذه الحروب. هذه أرقام فلكية. أعتقد أن هذا الرقم يدفعنا حقًا إلى طرح الأسئلة التى يحاول مشروع تكلفة الحرب طرحها، وهي: ومنها: هل تستحق الحرب على الإرهاب هذه الأثمان؟».

المنتحرون أكثر من قتلى الحرب

لقى 7052 جنديا أمريكياً حتفهم فى حروب ما بعد 11 سبتمبر، وهذا الرقم يشمل الـ 13 جندياً أمريكياً الذين قتلوا فى التفجير الانتحارى فى مطار كابول فى أغسطس الماضي. مقابل هؤلاء مات أربعة أضعافهم، أى نحو 30 ألفا من العسكريين الأمريكيين منتحرين. هذه الأرقام، كما تقول سافيل، ترمز إلى مشكلة معقدة للغاية وسط هؤلاء، متعلقة بالصدمات التى يعانون منها نتيجة للحرب، وارسالهم لمناطق شهدت مستويات رهيبة من العنف، مثل العراق وأفغانستان، هناك العديد من الأسباب التى تجعل قدامى المحاربين يعانون اليوم من مشكلات فى الصحة العقلية أكثر من أى جيل سابق.

بالأرقام:

38 مليون نازح بسبب الحرب الأمريكية على الإرهاب.. وأكبر المتضررين العراق وسوريا وأفغانستان والصومال

929 ألف شخص قتلوا فى عشرات الدول التى شهدت عمليات عسكرية أمريكية

387 ألف مدنى لقوا مصرعهم فى هذه الحروب وغالبية الضحايا المدنيين فى العراق وسوريا وأفغانستان

7025 جنديا أمريكيا قتلوا فى العمليات العسكرية فى إطار الحرب على الإرهاب منذ 11 سبتمبر 2001

85 دولة شهدت عمليات أشهرها أفغانستان والعراق واليمن وسوريا لكن هناك أيضا مالى والصومال والنيجر وكينيا والفلبين

8 تريليونات دولار ثمن تكلفة الحروب الأمريكية منذ 11 سبتمبر

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق