غالبا ما تسير الأمور كالتالي: إذا نجحت حكومة ما فى تنفيذ سياسة معينة، نسبت الفضل لنفسها، وإذا فشلت حملت المتخصصين والخبراء المسئولية. تتوالى الاتهامات بأنهم يعيشون بأبراج عاجية ولا علاقة لهم بالناس العاديين. استطلاعات عديدة للرأى، أظهرت نفورا شعبيا من الخبراء خاصة الاقتصاديين. يأخذ عليهم الناس اهتمامهم بالأرقام ومعدلات النمو وتصحيح الخلل المالى على حساب حياة الفقراء. قبل أيام، ثارت ضجة فى بريطانيا عندما انتقدت لويز ريتشاردسون نائبة رئيس جامعة أكسفورد مايكل جوف الوزير بحكومة المحافظين، لأنه قلل سابقا من أهمية المتخصصين، عندما قال له صحفى إن جميع الخبراء يرفضون الخروج من أوروبا، فرد جوف: لدينا ما يكفى من الخبراء الذين ينتسبون لهيئات ذات أسماء براقة ويعتقدون أنهم الأفضل بينما هم يخطئون باستمرار. ريتشاردسون قالت: «أشعر بالخجل من الاعتراف بأن جوف تعلم فى جامعتنا. لولا الخبراء والمتخصصون ما توصلنا للقاحات كورونا. السياسيون الشعبيون يلقون باللوم دائما على المتخصصين». الخبراء الذين قصدهم جوف وكذلك ريتشارد سون ليسوا أولئك الذين يقضون الساعات على شاشات التليفزيون ويتحدثون فى كل شيء، بل المتخصصون وأساتذة الجامعات الذين يفنون حياتهم فى البحث العلمى، ولا يبخلون بنصائحهم للحكومات. المشكلة أن النصائح رائدها العلم فقط، إلا أنها عندما تصل للسلطات تلونها بتوجهاتها السياسية، الأمر الذى أدخل حكومة جونسون مثلا فى مشكلات عديدة مع العلماء. السياسيون يطوعون مقترحات الخبراء كى تزيد شعبيتهم، وعندما تفشل الوزارة فى تنفيذ سياسة ما، يسارع الوزير بالقول إنه خطأ العلماء. هذا الأمر تكرر عند معالجة أزمة كورونا. كلما وقعت الحكومة فى ورطة، هاجم جونسون العلماء لأنه أخذ بمشورتهم. الجانب السار هنا، أن العلماء لا يصمتون ولا يقولون: لقد أدينا ما علينا، وللحكومة أن تفعل ما تشاء. خرج متخصصون بالمجال الصحى وانتقدوا بحدة سياسات حكومة المحافظين مؤكدين أنها لم تلتزم بمقترحاتهم. وها هى جامعة أكسفورد لا تتورع عن توبيخ وزير بارز وتكاد تتبرأ منه. السياسيون هدفهم الحكم والشعبية والمتخصصون لا يهمهم سوى العلم. السياسة والعلم على الأرجح لا يلتقيان.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام رابط دائم: